تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون 185}

صفحة 84 - الجزء 1

  وليس الهلال والرؤية بشهر تام، ولو لزم من حضر الرؤية الصيام - لكان ذلك لأهله إضرارا، وعاد تيسير الله فيه إعسارا.

  وقد سافر رسول الله ÷ إلى بدر وغير بدر، فصام في سفره وأفطر، ولو لزم من رآه وأهله في أهله المقام - لما قال رسول الله ÷: «عمرة كحجة: العمرة في رمضان»، ولما جاز لأحد من الناس فيه اعتمار.

  وقال في مجموع الإمام المرتضى بن الهادي # ما لفظه:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، فقلت: هل جمع الله القرآن كله من أوله إلى آخره في شهر رمضان، أم أنزل أوله؟

  قال محمد بن يحيى #: اعلم - هداك الله وأعانك -: أن معنى قوله ø: {شهر رمضان الذين أنزل فيه القرآن}: الله أنزل فيه القرآن على محمد ÷، فكان أول ما أنزل عليه في رمضان، ثم كان ينزل عليه خمسا وخمسا⁣(⁣١).

  وقد قيل: إن سورا من القرآن أنزلت عليه جملة. ولست أقف على صحة ذلك، فلم يرووه عن من نثق به؛ ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}، قال: فرقناه، أي: أنزلناه شيئا شيئا، والمكث فهو: المدة؛ لأن التوراة أنزلت على موسى # مرة واحدة، مكتوبة في الألواح، وكان موسى # يقرأها ويستخرجها، كذلك الإنجيل أنزل مرة واحدة على عيسى صلى الله عليه، ومحمد ÷ كان أميا، ليس يقرأ إلا على ظهر قلبه، فلو أنزل القرآن مرة واحدة في الألواح كما أنزلت التوراة والإنجيل، ومحمد ÷ فلم يكن يقرأ الكتب السالفة، ولا يخط بيده، وعند كونه كذلك فلو نزل عليه مجملا في الألواح - لاحتاج إلى من يقرأه عليه ويبينه،


(١) ستأتي روايته للإمام الهادي # في سورة القيامة، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك (ر: ٤٢١٦)، والنسائي في الكبرى (ر: ٧٩٩١)، والطبراني في الكبير (ر: ١٢٣٨١)، وغيرهم.