قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون 61}
  سبحانه من القرابة والصداقة إنما أحله الله بالإذن منهم - لكان الإذن أيضا يحل به طعام أهل البعد والأعداء، ولم يكن لقوله سبحانه: {ليس عليكم جناح} خاصة بإذن في طعام من سمى؛ لأن كل قريب وبعيد، وولي وعدو بعد الإذن يكون جائزا.
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام عبد لله بن حمزة #:
  المسألة الثامنة عشر: في قوله تعالى: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم ...} الآية: ما المراد بذلك؟ وهل يجوز أن ندخل بيوت من ذكر تعالى من غير إذن الرجال، وأن يؤكل من طعامهم بغير إذنهم، أم لا؟
  الجواب عن ذلك: إن معنى هذه الآية: أنه لما نزل قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}[البقرة: ١٨٨]، فكان الرجل يدخل بيت أبيه وأخيه وأقاربه الذين ذكر الله، فيمتنعوا من المأكل، ويقول: هذا من الباطل؛ بأي شيء آكل طعام صاحبي؟! فحرج الناس من ذلك، واشتد عليهم التكليف به، حتى نزلت الآية، فاختلطوا وأكلوا على جاري العادة، وجاز دخول البيت وإن لم يأذن الرجل، إذا أذن الابن، أو المرأة في غير الريبة، إلا أن يعلم من الرجال كراهة فحينئذ يتغير الحكم؛ وعادة المسلمين هذه جارية، وقد كان رسول الله ÷ يدخل المنزل بطائفة من أصحابه، ثم يأمرون لصاحبه يأتي إليهم في حق التحكم، وهذا معنى أخوة المؤمنين.
  فأما الآيات فقد خصت الأرحام والأقارب، ومن لا يكره ما ذكر الله سبحانه في أغلب الأحوال.
  قال تعالى: {أو ما ملكتم مفاتحه}، يريد به: بيوت عبيدكم؛ لأنكم مالكون لملكهم.
  وأكل الطعام جائز في بيوت من تقدم ذكره، وإن لم يأذن، إذا أذن أهله، إلا أن يعلم منه كراهة فحينئذ لا يجوز؛ فاعلم ذلك.