قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 13}
  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #:
  وأما قوله سبحانه: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} - فكذلك الله سبحانه: لو شاء أن يجبر العباد على طاعته جبرا، ويخرجهم من معصيته قسرا - لفعل ذلك بهم، ولو فعل ذلك بهم، وحكم به عليهم - لم يكن ليوجد عقابا، ولا ليخلق ثوابا، ولكان الناس كلهم مصروفين لا متصرفين، ومفعولا بهم لا فاعلين؛ ولكنه سبحانه أراد: أن لا يثيب ولا يعاقب إلا عاملا، متخيرا مميزا؛ فأمر العباد ونهاهم، وبصرهم وهداهم، وجعل فيهم استطاعات، ينالون بها المعاصي والطاعات؛ ليطيع المطيع، فيستأهل بعمله وتخيره الثواب، ويعصى العاصي فيستوجب باكتسابه العقاب.
  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألت عن: قول الله سبحانه: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}؟
  وكذلك الله تبارك وتعالى؛ يخبر عن قدرته، ويخبر أنه قادر على ذلك. والمعنى: أنه لو أراد أن يجبر الخلق على الاهتداء، ويدخلهم كلهم في الطاعة والهدى، بالقسر لهم فيه جبرا، والجبر لهم في ذلك قسرا - لفعل سبحانه بهم ذلك، حتى يكونوا في جميع الأمر كذلك، غير أنه سبحانه لم يرد إدخالهم في طاعته وهداه جبرا، ولم يرد إخراجهم من معاصيه ﷻ قسرا؛ بل أمرهم سبحانه تخييرا، ونهاهم تحذيرا، وكلفهم يسيرا، وأعطاهم على قليل كثيرا؛ أراد أن يطيعوه مختارين، بالاختيار لا بالجبر لهم، وكذلك معاصيهم بالاختيار منهم كانت فيهم ومنهم، لا بقضاء شيء من ذلك - سبحانه - عليهم؛ حكما من الحكيم الرحمن، ورأفة منه في ذلك لكل إنسان، وتمييزا منه بذلك بين أهل الطاعة والعصيان؛ ليستحق كل باختياره جزاء فعله، وليجد خيرا من قدم من خير أوشرا باختياره