قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون 219}
  وفي مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العياني #، قال:
  وسألت: عن معنى قول الله سبحانه: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}
  والجواب: أن هذا أمر من الله سبحانه لرسوله # لمن سأله عما ينفق - بالعفو؛ لما علم الله سبحانه فيه من الفضيلة على النفقة، وأنه يصلح من الأحوال ما لا يصلحه بالأموال، والدليل على ذلك: قول الله سبحانه: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}، والأجر فهو: النفقات والعطاء والمودة، والمودة فهي: المحبة؛ فعرفنا الله سبحانه هاهنا: أن المودة أعود صلاحا من العطية، والعفو فقد يوجب المودة للعافي التي لا يجلب مثلها في النفقة؛ فاعلم ذلك.
  وقال في كتاب حقائق المعرفة:
  وأما قول الله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}، فإن قول الله تعالى: {قل فيهما إثم كبير}: [وهذا(١)] تحريم عام، وتشديد، وتغليظ، والله لا ينقض ما أكد، ولا يحل ما حرم.
  وقوله: {ومنافع للناس} ليس المراد به: منافع للناس فيهما، ولا [في] ثمن الخمر، وإنما المراد بالمنافع هاهنا: أن الجلد الذي يكون على فاعلهما هو المنافع للناس؛ لأن شارب الخمر إذا جلد ازدجر هو وغيره، فكان جلده نافعا للناس كما قال الله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}[البقرة: ١٧٩]، وقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» ... (إلى آخر كلامه #)
(١) لعل الكلام بغير: «وهذا». (جامعه).