تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ما لها من فواق 15}

صفحة 435 - الجزء 2

  تشطط}، أي: لا تمل إلى أحدنا، فتشطط على الآخر. ومعنى {تشطط}؛ فهو: تشدد على أحدنا في غير حق. {سواء الصراط}، وسواء الصراط فهو: معتدله ومستقيمه، ووسطه وقيمه. والصراط فهو: طريق الحق ها هنا وأوضحه. وكان لداود صلى الله عليه تسع وتسعون منكحا من الحرائر والإماء، وكان لأوريا هذه المرأة وحدها، فمثلا أنفسهما لداود بداود وأوريا، فقال أحدهما: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها}، ومعنى: {أكفلنيها} فهو: أتبعنيها وردنيها إلى نعاجي، {وعزني في الخطاب}، يقول: شطني في الطلب، وألح في تمنيها وطلبها؛ وذلك أنها لم تكن تسقط من نفس داود من يوم رآها، يتذكرها ويتمناها؛ فقال داود صلى الله عليه: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم}؛ فلما قال هذا لهما تغيبا من بين عينيه، فإذا به لا يبصرهما ولا يراهما، فعلم عند ذلك الأمر كيف هو، وأنهما ملكان، وأن الله بعثهما إليه لينبهاه من غفلته، ويقطعا عنه بذلك ما في قلبه، من كثرة تذكره مرأة «أوريا» صاحبه، فأيقن أنها فتنة من الله، والفتنة هاهنا فهي: المحنة. ومعنى: {ظن داود أنما فتناه} فهو: أيقن داود بذلك من الله، {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} إليه من ذلك التمني والذكر لهذه المرأة، فلم يذكرها بعد ذلك اليوم، حتى زوجه الله إياها حين أراد تبارك وتعالى، بعد أن اختار لأوريا الشهادة، فاستشهد وصارت إليه، فمن بعد ذلك زوج الله داود مرأة أوريا، وبلغه أمله، وأعطاه في ذلك أمنيته، فجاءه ذلك وليس في قلبه لها ذكر، ولا إرادة ولا تمن.

  ولم يكن لداود صلى الله عليه في أوريا ولا قتله شيء مما يقول المبطلون، من تقديمه في أول الحرب، ولا ما يذكرون من طلبه وتحيله في تلفه بوجه من الوجوه، ولا معنى من المعاني؛ كذب العادلون بالله، وضل القائلون بالباطل في رسول الله ؛ فهذا تفسير الآية، ومخرج معانيها.