تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين 74 وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين 75}

صفحة 461 - الجزء 2

  والملك على أرجائها}⁣[الحاقة: ١٦]. فإذا انشقت السماء للفناء والبلاء - تحوزت الملائكة - لشقها - إلى الأرجاء، وهي: النواحي، وصارت حينئذ حافة حول العرش الباقي، والعرش فإنما هو: السقف الأعلى؛ والأسفل ففناؤه قبل فناء الأعلى؛ فليعقل هذا من المعنى - من أراد حقيقة ما عنى، وليعلم أن سقف أعلى ما فيه الملائكة من السماوات، غير مسكون بشيء من البريات.

  فإن قال قائل: أفيكون مكان غير مسكون؟!

  قيل: نعم، سقف ما تناهى من بناء السماوات العلى؛ لأنه لا يكون سفل أبدا إلا بأعلى، فأما أن العرش هو: السقف فموجود في اللسان، كثير ما يتكلم به بين العرب والعجمان.

  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:

  وسألته عن: قول الله سبحانه: {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ...} إلى آخر السورة؟

  فقال: هذا إخبار من الله سبحانه عن قول المؤمنين في يوم الدين، وعند مصيرهم إلى كرامة رب العالمين؛ فأخبر: أنهم يقولون عند ذلك: {الحمد لله الذي صدقنا وعده}، يقولون: الذي أنجز لنا ما وعدنا من ثوابه، وأكمل لنا ما وعدنا من كرامته. {وأورثنا الأرض}، يريد: أرض الآخرة، وأرض الجنة. {نتبوأ من الجنة حيث نشاء}، يقول: حيث نحب ونريد. {فنعم أجر العاملين}، يقولون: الجنة أفضل جزاء العاملين، في الطاعة لرب العالمين. معنى: {حافين من حول العرش} فهو: محدقون بكل أهل الحشر في ذلك اليوم، والعرش فهو: الملك، وحفوفهم بالملك فهو: قيامهم فيه وبه في ذلك اليوم. {وقضي بينهم}، يقول: بين الخلق. {بالحق}: الذي لا ظلم فيه، والحق: