قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون 10 قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل 11}
  العصيان والإحسان، فأوجب للمحسنين الثواب، وعلى المذنبين العقاب.
  فأما ما سأل عنه من قوله: هل كانوا يستطيعون أن يطيعوا الله جميعا فلا يعصوه؟
  فكذلك نقول: إنهم كانوا يستطيعون طاعته، كما يطيقون معصيته؛ ولكنهم افترقت بهم الأهواء، فمنهم من اختار الإيمان والتقوى، ومنهم من اختار الضلالة والعمى؛ والله تبارك وتعالى إنما حكم بالنيران - على من اختار من الثقلين العصيان، وكره ما أنزل الرحمن؛ فعلم الله وقع على اختيارهم، وما يكون من أفعالهم، ولم يدخلهم في صغيرة، ولم يخرجهم من كبيرة، ولو علم أنه إذا دعاهم، وبصرهم وهداهم؛ أجابوه بأسرهم، وأطاعوه في كل أمرهم - إذا لأخبر بذلك عنهم، كما أخبر به عن بعضهم، وكذلك لو علم أنهم يختارون بأجمعهم المعصية - لحكم بالنار عليهم كلهم، كما حكم على الذين كفروا منهم.
  · قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ١٠ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ١١}[غافر: ١٠ - ١١]
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألته عن: قول الله سبحانه: {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم}، إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل}؟
  فقال: معنى ذلك: أن الله يخبر عن أهل النار، وما يكون من مقتهم لأنفسهم؛ ومعنى مقتهم فهو: بغضهم لأنفسهم، وبغضهم لها في ذلك اليوم فهو: على ما تقدم منها، من المعاصي في الدنيا، حتى أهلكتهم بذلك في الآخرة، فلما أن