تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم 51 وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم 52}

صفحة 486 - الجزء 2

  فقال: ليس يتوهم عاقل أن احتجاب الله: بإرخاء ستر ولا بإغلاق؛ ولكنه - كما قال سبحانه - لعجز الأبصار عن دركه بالرؤية والعيان؛ إذ يقول سبحانه: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}⁣[الأنعام: ١٠٣]، وهذا فهو أحجب الحجب، وما لا يكون إلا الله تبارك وتعالى.

  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:

  وسألته عن: قول الله سبحانه {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا}، إلى قوله: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم

  فقال: الوحي الذي ذكر الله هاهنا فهو: وحي النوم، كما أوحى إلى أم موسى # فيما أمرها به من إرضاعه، فإذا خافت عليه القتل ألقته في اليم، ومثل وحيه إلى إبراهيم في المنام أن يذبح ابنه إسماعيل صلى الله عليهما. {أو من وراء حجاب}: يخلق صوتا يسمعه السامع، كما كان فعله في موسى، خلق له صوتا في الشجرة، فسمعه موسى؛ والحجاب فمعناه: أن يأتي الصوت، ولا يرى له مصوتا؛ فهذا الحجاب الذي بين الصوت وبين السامع. {أو يرسل رسولا} معناه: الملك الذي كان يأتي إلى الأنبياء بوحي من الله، وهو جبريل صلى الله عليه. ومعنى قوله: {روحا من أمرنا} فهو: أمر يحيي به العباد، ومعنى حياتهم به فهو: إيمانهم به؛ لأن من آمن فقد حيي، ومن كفر فقد مات، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {أومن كان ميتا فأحييناه}. ومعنى: {من أمرنا} فهو: قبلنا وعندنا.

  وقال في كتاب حقائق المعرفة للإمام أحمد بن سليمان #:

  وأما قوله تعالى: {أو من وراء حجاب} أراد: أو كلاما يسمعه العبد من غير ناطق مشاهد، كما سمع موسى - صلى الله عليه - الكلام من الشجرة. وليس بين الله وبين خلقه حجاب؛ لأنه لو كان بينه وبين خلقه حجاب لكان مشابها لخلقه،