قوله تعالى: {ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد 9 والنخل باسقات لها طلع نضيد 10}
  حروف الصفات، وحروف الصفات يعقب بعضها بعضا. والفروج فهي: الفتوق والشقوق، والاختلاف بالفطور؛ فأخبر سبحانه: أنها مستوية، ليس فيها من ذلك شيء؛ وأصل ما أراد بذكر السماء وأمرها، وما جعل فيها من زينتها ونفى عنها من فطورها: أنه أراد سبحانه: أفلا توقن - يريد: يا هذا - من فعلنا بقدرتنا على ما أنكر، بما ذكرنا له من حشرنا لعبادنا، وبعثنا البشر؛ من فعل ما فعل في السماء - بقادر على أن يحشر ويعيد الأشياء.
· قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ٩ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠}[ق: ٩ - ١٠]
  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:
  وسألته عن: قول الله سبحانه: {ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد ٩ والنخل باسقات لها طلع نضيد ١٠}؟
  فقال: هذا مثل قوله سبحانه: {وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون}[الأنبياء: ٣٠]؛ فأخبر: أنه أنزل من السماء ماء، فأنبت به ما أنبت من الجنان، والحب الحصيد، والنخل الباسقات ذوات الطلع النضيد. وأما معنى قوله: {جنات} فالجنات هي: البساتين، والحدائق ذوات الالتفاف، والثمار والائتلاف، ذوات الأنهار الجاريات، والثمار المذللات، اللواتي قد جمعن كل الثمار، وجرت فيها بينهن وخلالهن الأنهار، فما كان هكذا فالعرب تسميه جنانا؛ فعلى ذلك يخرج ما سمي: حصيد اليبسة، وبلوغه واستحصاده؛ فكل شيء بلغ غايته وينع تسميه العرب مستحصدا و حصيدا، أي: قد جاء وقت حصاده وقطعه، وبلغ غايته، وما ينتظر به، وأخذه. ومعنى قوله: {والنخل باسقات}