قوله تعالى: {والطور 1 وكتاب مسطور 2 في رق منشور 3 والبيت المعمور 4 والسقف المرفوع 5 والبحر المسجور 6 إن عذاب ربك لواقع 7 ما له من دافع 8 يوم تمور السماء مورا 9 وتسير الجبال سيرا 10}
  وسألته عن: قول الله سبحانه: {والطور ١ وكتاب مسطور ٢}، إلى قوله: {وتسير الجبال سيرا ١٠}؟
  فقال: هذا قسم من الله سبحانه بهذه الأشياء؛ لما فيها من عظيم الآيات والثناء، والبركة والخير لمن اهتدى. {والطور} فهو: جبل بالشام، يسمى: الطور، كثير البركة والخير. {وكتاب مسطور}، فهو: كتاب محمد صلى الله عليه وعلى آله المذكور. {في رق منشور}، والرق فهو: الرق المعروف، الذي تكتب فيه المصاحف. {منشور} فهو: مفتوح معلوم. {والبيت المعمور}، فهي: كعبة الله التي جعلها قبلة للمؤمنين، وهي: بكة، وهي: بقعة البيت التي في وسط مكة. {والسقف المرفوع}، فهي: السماء المرفوعة، التي جعلها الله سقفا للأرض الموضوعة. {والبحر المسجور}، فهو: البحر الأخضر، المالح الأكبر، والمسجور فهو: ذو الصوت والهيجان والأمواج؛ فشبه الله اضطرابه، وتقلب مياهه، واصطدام أمواجه - بالتنور المسجور، والمسجور فهو: الموقد الذي قد تأججت ناره، واستوقدت فيه، فهاج لها صوت لديه، والعرب تقول: «اسجر التنور»، أي: أوقده، فشبه الله تبارك وتعالى البحر بالسجير؛ لتسجير النار في التنور. {إن عذاب ربك لواقع}: فوقع القسم على وقوع العذاب. {ما له من دافع}، يقول: ما فيه من حيلة، ولا له من مانع. ثم أخبر: متى يقع العذاب الذي عليه أقسم، فقال: {يوم تمور السماء مورا ٩ وتسير الجبال سيرا ١٠}، وذلك فهو: يوم القيامة الذي تمور فيه السماء، ومورها فهو: امحاقها وذهابها، وتقطعها ورجوعها، إلى ما منه خلقها ربها، وفي ذلك اليوم تسير الجبال سيرا، ومعنى: «تسير سيرا» فهو: نسفها عن وجه الأرض، وذهابها من الأرض، كما ذكر الله سبحانه حين يقول: {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}، أي: تنقطع وتذهب وتمحق، كتقطع السحاب وذهابه، من بعد تجسمه واجتماعه؛ فهذا معنى: {تسير الجبال}.