تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31 أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون 32 أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون 33 فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 34 أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون 35 أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون 36 أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون 37 أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين 38 أم له البنات ولكم البنون 39 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 40 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 41 أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون 42 أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون 43 وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم 44}

صفحة 48 - الجزء 3

  الوقوع والنزول، والمنون فهي: الموت؛ فأمر الله نبيه # أن يقول لهم: {تربصوا إني معكم من المتربصين}، يقول: انتظروا بي؛ فإني أنتظر بكم مثل ما تنتظرون بي، وأعظم من ذلك، مما أرجوه من نزول عذاب الله عليكم. {أم تأمرهم أحلامهم بهذا}، يقول: أليس يزعمون أن لهم أحلاما وعقولا، أفحلامهم تأمرهم وتدلهم على المكابرة للحق، وقول الباطل. {أم هم قوم طاغون}، يريد: أم هم قوم قد طغوا عليك، فسينزل بهم البلاء على طغيانهم، ويحل بهم النقم على كفرهم. معنى: {أم يقولون تقوله} يريد: أم يقولون: إنه كذبه، وادعى أنه من الله، وليس من الله. {بل لا يؤمنون}، يقول: بل هم لا يصدقون أنه من الله. {فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين}، يريد سبحانه: إن كانوا صادقين أنك تقولته - {فليأتوا بحديث مثله}، يريد: بقرآن مثله؛ لأنه إن كان منك فسيقدرون على أن يأتوا بمثل ما أتيت به، وإن كان من عندنا فلن يقدروا على ذلك أبدا. ثم قال سبحانه: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}، يريد: أفلا يعتبرون، فينظروا في خلقهم: أمن غير شيء خلقوا أم من شيء جعلوا، فإن نظروا فسيبين لهم من أثر صنعنا ما يدلهم على أن ما جئت به من عندنا، ثم لينظروا: أهم الخالقون أم غيرهم الخالق، فإن أقروا بخلق غيرهم لهم، وبأنهم لم يخلقوا أنفسهم - فسيعلمون أن الذي أرسلك إليهم هو الخالق لهم. {أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ٣٦ أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون ٣٧}: فكل هذا يريد سبحانه: أنهم إن كانوا كذلك، وكانوا يفعلون ذلك - فالقول قولهم، وإن كانوا ليسوا بفاعلين ذلك، ولا قادرين عليه - فليعلموا أن الفاعل لما عجزوا عنه هو الباعث لك، والمنزل لما معك، مما عجزوا أن يأتوا بمثله. {أم هم المصيطرون}، يريد: أم هم المستحصون لكل الأشياء، الموكلون عليها، الحافظون لقليلها وكثيرها؛ فلن يكونوا كذلك أبدا، ولن يكون غير الله كذلك، ولن يعلمه ويحصيه سواه. {أم