قوله تعالى: {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 30 قل تربصوا فإني معكم من المتربصين 31 أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون 32 أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون 33 فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين 34 أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون 35 أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون 36 أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون 37 أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين 38 أم له البنات ولكم البنون 39 أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 40 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 41 أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون 42 أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون 43 وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم 44}
  لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين}: هذا مثل مثله الله تبارك وتعالى، يقول: أم لهم سلم يرقون فيه إلى السموات، حتى يسمعوا وحي الله الذي ينطق به ملائكته عنه، فإذا كان ذلك كذلك عندهم - فليأت الذي استمع في السلم لهم بسلطان مبين، أي: بحجة تدل على ذلك وتبينه، وإلا فهم مبطلون؛ والحجة فهي: السلطان، والمبين: بين ظاهر. {أم له البنات ولكم البنون}: هذا إنكار من الله لقولهم: إن الملائكة بنات الله، فقال الله تبارك وتعالى: هل يكون ما قلتم من ذلك، أو يجوز أن يصفيكم بالبنين، ويدع لنفسه البنات، لو كان كما تقولون؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وتقدس عما يقول فيه الكافرون تقديسا عزيزا كريما. {أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون}، يقول: أم هذا الصدود والمنافرة لك لأجر سألتهم إياه، والأجر فهي: الأجرة على ما جاء به. {فهم من مغرم مثقلون}، يقول: فهم من شدة الغرم الذي ألزمتهم إياه مثقلون؛ فمعنى: {مثقلون} أي: مفدوحون، لا يطيقون ما كلفتهم، ولا يجدون ما سألتهم، فهم كارهون لأمرك؛ لعظيم ما كلفتهم من أجرك. {أم عندهم الغيب فهم يكتبون}، يقول: أم عندهم علم الغيب، فهم يعلمون كل شيء، فيكون ما قالوا من علم غيبهم؛ ومعنى: {يكتبون} فهو: يعلمون. {أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون}، يقول: أم هذا الذي يفعلون بك، من التكذيب وغيره - هو مكر يمكرونه، وكيد لك يريدونه. {فالذين كفروا هم المكيدون}: هم المعذبون الذين يقع عليهم الكيد، ويحقهم دون غيرهم، حتى يكون ما أملوا إيقاعه بك من الكيد عليهم، وتكون أنت سالما من ذلك، وهم فيه واقعون. {أم لهم إله غير الله}، يقول: أم لهم خالق ومدبر غير الله، فهم إليه يلجؤون، وبه يتعززون؛ كلا مالهم من آله غير الله الذي عليه يجترؤون، وبه يكفرون. {سبحان الله عما يشركون}، يقول: تعالى الله وتنزه عما يقولون ويفعلون، من شركهم وكفرهم. {وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم}،