تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}

صفحة 71 - الجزء 3

  عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ٢١ سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ٢٢}⁣[الكهف]، وقال سبحانه: {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك}⁣[غافر: ٧٨]، وقال: {من نبأ موسى وفرعون}⁣[النحل: ٨٩]، فأخبر نبيه صلى الله عليه وآله بما كان من قول أهل بلدهم فيهم، وقص عليه قبل ذلك ما كان من فعلهم في أنفسهم رحمة الله عليهم، واعتزالهم إلى الكهف، وإخلاصهم لله دينهم، ثم أمره بأن لا يماري فيهم إلا مراء ظاهرا، وكتمه عدتهم، ثم قال: {قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل}، ففي كل ذلك يخبر: أنه لم يعلمه صلى الله عليه وآله، ولم يخبره في كتابه من أخبار من مضى، وفات في قديم الدهر وانقضى، إلا باليسير من القصص دون الكثير، ويدل على: أن ما لم يقص عليه من أخبار الأمم الماضية، والحقب الخالية - أكثر مما قص وأعظم، وأطول وأطم، وكل ذلك فدليل، من الله في واضح التنزيل، على: أن ما ذكر الله من الزبر، التي فيها كل ما فعله العباد مستطر - غير هذه الكتب التي ذكر فيها جزءا، وترك ولم يذكر بعضا؛ لأن ما جمع فيه كل شيء، بخلاف ما جمع فيه بعض شيء؛ إذ نصف الشيء أو بعضه خلاف الشيء كله.

  فأما الكتب التي ذكرها الله في كتابه، ونزل فيها ما نزل من وحيه وقرآنه - فهي ما أقسم به سبحانه حين يقسم، فيقول: {والطور ١ وكتاب مسطور ٢ في رق منشور ٣}⁣[الطور]، وقوله: {وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}⁣[النحل: ٨٩]، وقوله: {إنه لقرآن كريم ٧٧ في كتاب مكنون ٧٨ لا يمسه إلا المطهرون ٧٩}⁣[الواقعة]، وقال سبحانه فيما حكى عن مؤمني الجن؛ إذ صرفهم إلى نبيه يستمعون منه القرآن، فقال: {وإذ صرفنا إليك نفرا من