قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم 256}
  الرشد من الغي}؛ فمنع # قريشا بعد نزول هذه الآية: إكراه أحد ممن اختار الإيمان منهم؛ فهذا ما روي في هذه الآية، لا ما توهمت - وفقك الله -.
  وقد يكون من معنى هذه الآية وتأويلها: أن يكون الله تبارك وتعالى عرف العباد أنه غير مكره لهم على طاعته إكراه جبر، والذي يدل على ذلك قوله: {قد تبين الرشد من الغي}، وليس الإكراه من الله سبحانه كالإكراه من نبيه ÷؛ لأن الإكراه من النبي # يقتضي قرر اللسان، وفي الضمير من الاعتقاد غير ذلك، والإكراه من الله تبارك وتعالى يقتضي الإقرار باللسان، وإخلاص النية في الضمير،؛ فجاء معنى هذا القول من الله سبحانه بمعنى قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}؛ فجاء ظاهر هذا الخطاب كالإباحة؛ وإنما هو تخيير من الله سبحانه لعباده بعد أن عرفهم ما في الحالين من العقاب والثواب؛ كذلك عرف عباده: أنه غير مكره لأحد منهم على طاعة ولا معصية، بعد أن بين لهم الرشد من الغي؛ فهذا أيضا وجه حسن التأويل؛ فأي المعنيين تأولت فقد أصبت إن شاء الله تعالى.
  وقال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة #:
  قال علي بن محمد بن عبيد الله العلوي رحمة الله عليه:
  سألت الهادي إلى الحق ~: عن قول الله سبحانه: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}.
  فقال: هذا أمر من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه بأن يقول لحضرة قريش وجاهليتها، فيما كانوا يفعلون بمن أسلم منهم وآمن، واتبع محمدا صلى الله عليه؛ وذلك أنهم عاقدوا رسول الله # يوم هدنة الحديبية على أنه يرد إليهم من أتاه من أصحابهم، وعاقدهم على ذلك، وأوجبه صلى الله عليه على نفسه بأمر الله لهم، وكان يرد إليهم من أتاه راغبا في الإسلام منهم، فيكرهونه على ترك الإسلام،