قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير 22}
  قال محمد بن يحيى #: بل هو حق كما أنكم تنطقون؛ فأخبر سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: أن الجنة عرضها كعرض السماء والأرض.
  فإن قال قائل: فإذا كانت كذلك فهي أوسع من هذه الدنيا؟
  قيل: ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وإذا الأرض مدت}[الإنشقاق: ٣]، ومعناه: أي: بسطت وزيد فيها مثلها؛ لأن السماء والأرض في الطول والعرض سواء، وذلك قول الله سبحانه في كتابه: {وجعلنا السماء سقفا محفوظا}[الأنبياء: ٣٢]، فلما أن كانت السماء على قدر الأرض صارت سقفا لها، ولو كانت السماء أمد من الأرض لكانت على غير الأرض سقفا، وليس شيء بعد الأرض يوقع عليه ولا يقال به، فسماء الآخرة كما ذكر الله سبحانه كعرض السماء والأرض، والأرض فتمد حتى تكون كمثلها كما ذكر الله سبحانه من فعله فيها، وما تصير إليه من حالها.
  · قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢}[الحديد: ٢٢]
  قال في مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي #:
  واحتجوا أيضا بقوله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}، وتأولوا في ذلك بأقبح التأويل، ولم يتدبروا الآية، فيصح لهم فساد تأويلهم، وزعموا أن المصيبة هي: الكفر، وغيره من أعمال الإثم.
  وليس ذلك كذلك؛ لأن آخر الآية يدل على غير ما تأولوا وقالوا، وإنما أراد بقوله سبحانه: ما أصاب الناس في الأرض من مصيبة، ولا أصابتكم في أنفسكم، إلا وقد علم الله ذلك من قبل أن يبرأ النفس، وهو خلقها برؤها، فعنى: ما في الدنيا من الآفات التي تقع في الأموال والثمار، وغيرها من المصيبات