تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير 22}

صفحة 96 - الجزء 3

  التي يكثر شرحها، ولم يرد بذلك سبحانه: الإيمان، والكفر والعصيان، ولو أراد سبحانه ما تأوله الجاهلون من الجبر على الإيمان والكفر - ما قال: {وبشر الصابرين}، وكيف يكون كافرا وفاسقا من كان محسنا صابرا، ومبشرا بالخير؟ ألا ترى إلى تصديق ما قلنا في تمام الآية، حين يقول: {لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}⁣[الحديد: ٢٣]، فصح عند كل فهم أنه إنما أراد بهذا القول: محن الدنيا وبلواها، وفرحها وحزنها، وكثرة المال ونقصانه، وزكاء ثماره، ولو كان مراده ø بهذا القول: الكفر والإيمان - لم يقل: لا تأسوا على الإيمان إن فاتكم، ولا تسروا به إن نلتموه، ولا تفرحوا بفوات الكفر لكم، فأي سرور يسر العبد إذا لم يسره الإيمان؟! وأي فرح أعظم منه على العبد، وأحلى من فوات الكفر له، وتخلصه منه؟! والحجة في هذا تفسد قول من قال بما ذكرناه، ومما يبين ما ذكرنا، ويشهد له: قوله سبحانه: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ١٥٥ الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ١٥٦ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ١٥٧}⁣[البقرة]، فقال سبحانه: {أصابتهم مصيبة}، وإنما عنى بها ما ذكرناه، ولم يقل: الذين إذا أصابهم الإيمان والكفر فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون؛ فبهذا علمنا أن المعنى هو: ما ذكرنا من محن الدنيا وآفاتها، ولو كان على ما تأوله الجاهلون ما سمي مصيبة، ولا أمرهم بالصبر عليه؛ للعلة التي شرحت لك؛ كيف يجوز أن يأمرهم بالصبر على الكفر، ويبشرهم بالثواب؟! هذا أحول المحال.

  وقال في كتاب الرد على مسائل الإباضية للإمام الناصر بن الهادي #:

  وسألت عن: قول الله ø: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في