قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير 22}
  أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ٢٢ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ٢٣}، فقلت: فيقول القائل: وأي مصيبة أعظم من المصيبة في الدين، وإن المصيبة مكتوبة على العباد؟
  قال أحمد بن يحيى #: لعمرو الله إن المصيبة في الدين لأعظم المصائب؛ ولكن الله ø لم يعن بذلك الضلالة ولا الهدى؛ لقوله: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}، فلو كانت هذه الآية في الأعمال - لم ينبغي للعبد إذا أطاع الله ø، وأحسن العمل: أن يفرح، ولا إذا عصى أن يحزن، ولكان ذلك منه خطأ وعصيان لله: أن يفرح بما أوتي من خير في دينه، أو أن يحزن على ما ضيع وفاته من دينه؛ لأن الله في قولهم قد نهى عن ذلك، وإذن لانتقض قوله، واختلف كتابه، وقد قال: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء: ٨٢]، ولخالفت هذه الآية التي ذكرتم هذه الآية التي أنا ذاكرها، حيث يقول تبارك وتعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}[يونس: ٥٨]، وقال ø: {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون}[التوبة: ٨٢]، وليس وجه هذه الآية التي ذكرت على ما وضعوه عليه هم، إنما عنى الله ø في هذه الآية: المصيبات التي يصيب بها عباده في الأنفس والأولاد، والأموال والثمرات، وما سخر لهم من الأشياء التي سخرها لهم به؛ أعلمهم قبل نزول المصيبة لهم أن سوف يبتليهم، وعلمهم كيف يقولون عند المصيبة إذا نزلت بهم، وما لهم فيها من الأجر إذا صبروا، وقالوا القول الذي علمهم، وقال: {ولنبلونكم بشيء من الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ١٥٥ الذين إذا أصابته مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ١٥٦ أولئك عليهم صلوات من ربك ورحمة وأولئك هم المهتدون ١٥٧}[البقرة]، يقول سبحانه: إنما علمناكم ما تقولون، وبينا لكم في ذلك من الأجر والثواب؛ لكيلا تأسوا عند