تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التحريم

صفحة 176 - الجزء 3

  فهو: آمنت وأيقنت، وقبلت وأقرت. {بكلمات ربها} فكلمات ربها هي: وحيه الذي أوحى إليها، حين تمثل لها جبريل # بشرا سويا، فقالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ١٨ قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ١٩ قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ٢٠ قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ٢١}⁣[مريم]، فلما أن قال لها جبريل صلى الله عليه ما قال من قوله، وجاءها بما جاءها من أمر الله به، فصدقته في ذلك وأيقنت به، وعلمت أنه من عند الله، ولم تنكر قدرة الله، فسلمت لأمر الله؛ فهذا الذي كان من كلام جبريل # - فهو الكلمات الذي صدقت بهن وقبلتهن، ولم تكذب جبريل في شيء منهن، ولم يدخلها شك في أنه رسول من الله ولا ارتياب، وأن الأمر الذي جاء به إليها هو من عند الله؛ فذكر تصديقها بالكلمات التي وجه جبريل بها إليها، فألقاها إليها، واحتج بهن عليها، فصدقته فيهن، وقبلت ما جاءها به منهن. {وكتبه}، فالكتب التي صدقت بها فهي: كتب موسى، وصحف ابراهيم صلى الله عليهما؛ فكانت بذلك مصدقة، وبأنبيائه مقرة عارفة، وبشرائعهم متعلقة. {وكانت من القانتين}، والقانتون فهم: الداعون إلى الله، المسلمون لأمره، القائمون بحكم الله؛ فكانت كما ذكر الله سبحانه قانتة، وله ø بالنجاة سائلة، فأجاب الله قنوتها، وشكر عملها، وتقبل سعيها، وجعلها مثلا للمؤمنين، خصهم بالاقتداء بها، وأخبرهم أنه لم يرزأها كفر أهل زمانها، وأن كلا مأخوذ بعمله وقوله، ومجازى بسعيه، وأنه {لاتزر وازرة وزر أخرى}، وأن الله يجزي كلا بالجزاء الأوفى.