تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم 282}

صفحة 135 - الجزء 1

  يريد بالضلال: النسيان أو غير ذلك من الشأن، ممن لا يؤمن على ضعفه النسوان، فأراد أن تذكرها الأخرى وتخوفها بربها فيه، إن أرادت تعمد الجحدان لشهادتها، ثم قال سبحانه: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}، قال: لا يأبوا أن يشهدوا بما قد علموا، مما له دعوى حين استشهدوا، فأوجب عليهم الشهادة عند الامام بما يعلمون؛ لكي يستخرج بشهادتهم حقوق من له يشهدون.

  وأما قوله ø: {ولا تسأموا أن تكتبوه}، فإنه يقول: لا تملوا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ومدى تأخيره.

  وأما قوله ø: {ذلك أدنى ألا ترتابوا} فمعناه: أن لا تشكوا فيه، ولا في عدده، ولا في وزنه، ولا في أجله، إذا كان مكتوبا بخطوط الشهود ذلك أدنى أن يعلم الشهود ويعرفوا إذا رأوا خطوطهم، فيذكروا ويقفوا على ذلك، ويعلموا جميع ما عليه شهدوا.

  وأما قوله ø: {ألا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها}، والحاضرة هاهنا فهي: حاضرة معكم في بلدكم، حاضر نقدها عندكم، فليس عليكم جناح إذا كانت كذا: ألا تكتبوها، ولا تشهدوا فيها وعليها، ثم قال ø: {وأشهدوا أذا تبايعتم}، يريد سبحانه: وأشهدوا على الرضى من البائع والمبتاع؛ لكيلا يكون في ذلك رجوع من أحدهما ولا نزاع.

  وأما قوله سبحانه: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} فهو: نهي من الله ø للكتاب أن يمتنعوا من الكتاب كما علمهم الله، وللشهود أن يمتنعوا من أداء الشهادة على الحق إذا دعوا كما أمرهم الله، ثم أخبرهم أنه من فعل ذلك فإنه آثم قلبه.

  وأما قوله سبحانه: {وأقوم للشهادة} فإنه أعدل وأثبت إذا كان في الكتاب، وكانت على الغريم الشهود به والبينة، فحينئذ لا يستطيع الغريم أن يدفع غريمه، ولا أن ينتقص حقه.