قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  لأهل معصيته؛ ألا تسمع كيف يقول: {لا يأكله إلا الخاطئون}، فأخبر سبحانه: أن أهل الخطاء على أنفسهم، بالمعصية لربهم - يأكلون الغسلين، ويعذبون بأكله في يوم الدين.
  ثم أقسم سبحانه عن صدق قول رسوله صلى الله عليه وعلى آله، بما جاء به من الرسالة عن ربه، فقال سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {فلا أقسم بما تبصرون ٣٨ وما لا تبصرون ٣٩ إنه لقول رسول كريم}، معنى {فلا} هو: أفلا أقسم، ومعنى {بما تبصرون} يريد: بما تبصرون من الأشياء، مما فيه أثر قدرتنا، وعجائب تدبيرنا، من لطيف صنعنا، الشاهد بالربوبية لنا، الناطق بصدق رسولنا، من الآيات الباهرات، التي جاء بها النيرات، اللواتي هن دلالات وعلامات، على أنه من المرسلين، بما جاء به من الأمر المبين. {وما لا تبصرون} يقول: وبما لا ترون مما قد علمناه، فأقسمنا به وذكرناه، من عجائب خلقنا، ودلائل فطرتنا، في الجن والملائكة، وغير ذلك من الأشياء المغيبة، التي لا ترونها بأعينكم، ولاتفهمونها لعجزكم، وقلة استطاعتكم، واستدراك ما غاب عنكم. {إنه لقول رسول كريم}، يقول: إن هذا الذي ذكره لكم رسولنا مما بعثناه به، وأيدناه بذكره، والإعذار فيه والإنذار، لأحق ما يكون من القصص والأخبار، من ذكر الحاقة والواقعة، وشقق السماء إذ هي واهية، ووقوف الملك على أرجائها، عند وقت تغييرنا لها وتبديلها، وظهور خافيات صدوركم، حين تعرضون على ربكم، واستبشار من أوتي كتابه بيمينه، وحلوله فيما وعدناه من جنتنا، وتمني من أوتي كتابه بشماله، عند وقت معاينته، لما كان يوعد به في حياته، القاضية المفنية، و الجائحة المهلكة، وإقراره بقلة غناء ماله عنه، وهلاك سلطانه منه، وما ذكر صلى الله عليه وآله لهم مما أمر بذكره، ووصفه لما أمر بوصفه، وشرحه لما أمر بشرحه، من الجحيم وإصلائها لأهلها، والسلسلة وذرعها، وغل أهلها في يوم الدين بها، وما أمر بذكره فذكره، والتحذير له