قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  الموصوف. {فاسلكوه} معناها: في السلسلة فاجعلوه، ومعنى جعله في السلسلة فهو: معنى جعل السلسلة في رقبته، وقد قيل: إنها تنفذ من ظهورهم إلى صدورهم، حتى ينظموا فيها نظما نظما؛ وقد قيل بغير ذلك، وأصح ذلك عندنا: جعلها في أعناقهم؛ لأن الله سبحانه قد ذكر ذلك، فقال: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون ٧١}[غافر].
  قوله: {إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ٣٣}، يقول: إنه كان لا يصدق بأمر الله، ولا يقر بوحدانية الله، ولايتعبد الله بما أمره. {العظيم} فهو: الجليل النافذ الإرادة، ماضي المشيئة، الذي {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ١١}[الشورى].
  وقوله: {ولا يحض على طعام المسكين ٣٤}، يقول: لا يأمر بإطعام المستطعمين من المساكين؛ بل كان ينهى عن ذلك جميع المطعمين؛ وقد يخرج معنى ذلك على: أنه لم يكن يحض على أداء الزكاة التي جعلها الله عونا للمساكين، وتقوية على إقامة الدين، فلم يكن يؤديها، ولا يحض - لعنه الله - عليها.
  ثم قال سبحانه: {فليس له اليوم هاهنا حميم ٣٥}، يريد: أنه ليس له في يوم الدين حميم، ومعناها أي: عندنا في دار آخرتنا حميم، والحميم فهو: ماكان يغتر به من البنين، والعصبة والأقربين؛ فأخبر الله سبحانه: أنه كان انقطع عنه في ذلك اليوم الذي كان يغتر به في الدنيا من عشائره وأقربيه، وأهل طاعته وبنيه، ففارقه أصحابه وأعوانه، وضل عنه في ذلك اليوم سلطانه.
  {ولا طعام إلا من غسلين ٣٦ لا يأكله إلا الخاطئون ٣٧}، فأخبر: أنه لا طعام له في ذلك اليوم، ولا معيشة ولا حياة {إلا من غسلين}، والطعام فهو: المأكول، والغسلين فهو: صنف من طعام أهل النار يدعى الغسلين، وهو شيء يزيد آكله بلاء، وجوعا وشقاء، لا يهنأ آكله، ولا ينتفع صاحبه، جعله الله عذابا