قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  أخباره وأحاديثه. {لأخذنا منه باليمين ٤٥}، معنى اليمين فهو: الأمر القوي المتين، وفي ذلك ما يقول شاعر من العرب:
  إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
  ومعنى {أخذنا منه} فهو: انتقمنا منه انتقاما شديدا؛ فهذا معنى {لأخذنا منه باليمين ٤٥} {ثم لقطعنا منه الوتين ٤٦}، يقول: لأنزلنا عليه نقمة تقطع وتينه، والوتين فهو: نياط القلب وعلائقه، التي تكون بقطعها مفارقته للحياة، ومصيره إلى الوفاة.
  {فما منكم من أحد عنه حاجزين ٤٧}، يخبر سبحانه: أنه لو أراده بسبب، ما كان له عنه حاجز منهم، ولا عنه له مدافع فيهم، فصحح سبحانه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله أداء الأمانة، وتبليغ الرسالة، بما ذكر من قوله: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل ٤٤ لأخذنا منه باليمين ٤٥ ثم لقطعنا منه الوتين ٤٦ فما منكم من أحد عنه حاجزين ٤٧}؛ لأنه لما أن قال: لو تقول علينا لفعلنا به ما ذكرنا، ثم لم يكن منه سبحانه فيه شيء مما ذكر أنه يفعله به لو تقول علينا باطلا - صح له صلى الله عليه وآله بأحق حقائق التحقيق، أداء الأمانة، وتبليغ حقيقة الرسالة، بصحة نصيحة وصدق، وثبتت له الحجة بذلك على الخلق، والحاجز فهو: المانع، والمانع فهو: القائم دونه والمدافع.
  ثم أخبر ﷻ، عن أن يحويه قول أو يناله: أن هذا القول الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وآله، من الإعذار والإنذار، والتحذير والإخبار، تذكرة للمتقين، فقال: {وإنه لتذكرة للمتقين ٤٨ وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ٤٩}، فمعنى {إنه} يقول: إن هذا القرآن والقول {لتذكرة للمتقين ٤٨}، والتذكرة فهي: التنبيه والزجر، والتحذير للمتقين، والمتقون فهم: المؤمنون المتقون لربهم، و التقي فهو: الخائف لذنبه، المشفق من عذاب ربه؛ فأخبر سبحانه: أن هذا كله لا