قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23}
  ويطرب قوله، فإذا سمع السامع من قائله أقبل نحوه يستمعه موفضا، والموفض فهو: المسرع؛ فضرب الله سرعة خروجهم من قبورهم، ونشرهم إلى موضع حشرهم، عند وقت نفخ الله في صورهم - بما يعرفون من سرعة الموفضين إلى النصب إذا سمعوه من ناصبه، واستطرفوه من قائله.
  {خاشعة أبصارهم}، معنى {خاشعة} أي: منكسرة، غير مسرورة ولا منفتحة، قد خشعت أبصارهم؛ لهول ما رأت عيونهم، وخشوع البصر فهو: شيء ينزل بالبصر، عند انحلال القوى، وضعف النفس وذهاب القوة، والإيقان بالبلية؛ فأخبر الله سبحانه: أن أبصارهم لإيقانهم بالعذاب منكسرة خاشعة، هالكة دامرة. {ترهقهم ذلة}، معنى {ترهقهم} فهو: تغشاهم، والذلة فهي: الخزي والمذلة، والمذلة فهي تغشى وترهق من أيقن بالنكال من الخلق. ثم قال سبحانه: {ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ٤٤}، فأخبر ﷻ، عن أن يحويه قول أو يناله: أن هذه الأشياء، من خروجهم من الأجداث، وخشوع أبصارهم، ووقوع الذلة عليهم - يكون في اليوم الذي كانوا يوعدون، وهو: يوم القيامة الذي كانوا به يكذبون، ولم يكونوا بشيء مما يذكر لهم فيه يصدقون.