تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة الجن

صفحة 262 - الجزء 3

  ثم قال سبحانه: {إلا بلاغا من الله ورسالاته}، يريد سبحانه: أنك لا تجد ملتحدا ولا ملجأ من الله، ولا مخلصا يخلصك من عذابه. {إلا بلاغا من الله ورسالاته}، يريد بقوله: {بلاغا}: إلا تبليغك عن الله رسالاته، وصبرا على أمره، ومضيا على طاعته، واصطبارا على حكمه؛ فإن هذه الأشياء هي البلاغ من الله، إذا فعلته فهو المجير لك من عذاب الله، والملتحد: الذي يلتحد إليه، ويلجأ من أمر الله، وينجي من عذابه، ولن ينجيك غير طاعة الله من عذابه؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ٢٣}، فأخبر سبحانه: أن من يعص الله ورسوله، فإن الله قد جعل مأواه جهنم، ومعنى {له نار جهنم} أي: أنها له قرار ومنزل، ومعنى: {خالدين فيها أبدا} أي: فهم مقيمون فيها أبدا، ومعنى {أبدا} فهو: دائم سرمد، لا غاية له ولا أمد.

  {حتى إذا رأوا ما يوعدون}، يقول: حتى إذا عاينوا وأبصروا ما كانوا يوعدون، من الوعيد الذي كانوا به يكذبون، وهو العقاب والحساب الذي به يجزون. ثم قال: {فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ٢٤}، يقول سبحانه: {فسيعلمون} أي: فسيرون ويبصرون، ويوقنون ويعرفون {من أضعف ناصرا}: أهم أم محمد صلى الله عليه وعلى آله؟ لأن ناصرهم الشيطان، وناصر محمد الرحمن؛ فهذا تقريع من الله لهم، وتبكيت بضعفهم، وضعف ناصرهم، وإعلام منه أنهم لما يعبدوا من ينفعهم، ويطيعوا من يضرهم إن أراد ضررهم، وأنهم إنما يعبدون من هو أضعف منهم، ممن يعبدون من دون ربهم. {وأقل عددا}، يقول: أقل عاضدا له، وقائما معه، وكارها لما كره، وساخطا لما سخط: أمحمد صلى الله عليه وعلى آله أقل مواليا أم أنتم؟ ومحمد صلى الله عليه وآله فالموالون له الملائكة المقربون، وجميع المؤمنين من الثقلين. وقد يحتمل أن يكون معنى الآية: مثلا ضربه الله لهم، يخبرهم فيه: أنه تبارك وتعالى أقوى على