تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم 20}

صفحة 268 - الجزء 3

  أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك}⁣[المزمل: ٢٠]، وإنما أدنى من ثلثي الليل: عند نصفه وعند ثلثه، كما [لو] قال قائل - سوى الله لا شريك له - لمن يريد أن يأمره ويستعمله: «قم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه» - كان إنما يريد: قم عند ما أمرتك بالقيام عنده في وقته، ولا يريد: أن يقوم ثلثه قائما على رجليه. وكما [لو] يقول قائل العامل من العمال، أو أمره في نهاره بعمل من الأعمال: «اعمل كذا وكذا نهارا»، فعمل ذلك في أي وقت شاء من نهاره - لكان قد أدى إلى من أمره ما يجب عليه من ائتماره، غير مقصر فيما [أمر] به من العمل ولا مفرط، ولا مستوجب في تقديم ولا تأخير فيما أمر به لسخط؛ بل هو مؤتمر بما أمر وألزم، محافظ فيما أمر به على ما قيل وأعلم؛ فهذا عندنا وجه التأويل، وفيما فهمنا عن الكتاب في التنزيل، لا ما يقول به - والحمد لله - من لم يفهم فيه ما فهمنا عن الله من الاختلاف، الكثيرة فأنتبه القليلة - والله المستعان بنوره وتبيينه -، من: أن رب العالمين فرض مثل الصلاة الخمس على المؤمنين، أن يصلوا الليل كله، إلا - زعموا - أقله؛ فمنهم من زعم: أنه إنما فرض عليهم ثلثه، ومنهم من قال: نصفه، ومنهم من قال: ثلثيه؛ جهلا بحق الله، ومخالفة للعلم، وادعاء عليه.

  و {ناشئة الليل} فهي: الليل كله، وهي: آخر الليل وأوله؛ فكان هذا على ما قلنا أيضا دليلا؛ لقول الله سبحانه: {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ٦}.

  ودل أن صلاة الليل قراءة مجهور بها، يقول: {ورتل القرءان ترتيلا ٤}، والترتيل فهو: الجهر والتنفيل، فأما هذ القرآن فيها ونثره، فإنا لا نأمر به ولا نستحسنه؛ لما ذكرنا من قول الله سبحانه، وقول رسوله صلى الله عليه وعلى آله: «لا تنثروا القراءة نثر الدقل»، فنحن لا نأمره بذلك في فريضة ولا تنفل.

  والدليل على ما أمر به رسول الله ÷، من: أن هذه