تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}

صفحة 294 - الجزء 3

  كالمخلوقين. ويجوز أن يقال: نظر إلى من ليس كالمخلوق كما ينظر إلى المخلوق، وفي الخلق: ما لا يرى، وهو الروح والعقل، وما أشبههما، فلا يقال: إن شيئا من ذلك يرى كما ترى الأشخاص؛ فكيف يقال: إنه يرى الله كما يرى الشخص؟!

  وإذا ابتعث الله أولياءه من الأجداث أرسل إليهم ملائكته، ليبشرهم بالجنة وينادونهم: {أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}⁣[الأعراف: ٤٣]، وذلك قبل أن يدخلوها، وهم ينظرون إلى أن ينيلهم ما وعدهم، وما به بشرهم، فوجوههم يومئذ ناضرة بهجة، مشرقة حسنة ناعمة، تنظر إلى ربها بالحب له والرضى عنه، والرغبة إليه، ينظرون ما يأتيهم منه ما بشرهم به الملائكة، وإن الله ø ينظر إليهم نظر الخالق إلى المخلوق المطيع الحبيب، وينظرون إليه بالرغبة فيما لديه نظر مخلوقين محبين إلى خالقهم المحبوب عندهم المنعم عليهم، نظر معرفة، لا نظر تحديد وإحاطة، والله ينظر إليهم، وقد كان يراهم في الدنيا، إلا أن نظره هذا نظر ثواب ورحمة، ووفاء بما وعدهم، والمزيد لهم من كل كرامة؛ إذ أدخلهم الجنة، فلا يزالون ينظرون إليه في جنته بالرضى عنه، والاستزادة مما عنده من فوائد النعم، وتحف الكرامات، مع ما قال لهم ø: {ولدينا مزيد}⁣[ق: ٣٥]، أي: مزيد من ربهم، لا تنقطع التحف والخيرات الحسان من ربهم أبدا عنهم، وينظرون إلى ربهم في الجنة بمقعدهم، وما هم فيه من الازدياد من نعيمهم، والإحسان إليهم، وإنما يوصف الله سبحانه بنظر أوليائه إليه، بهذه المعاني التي ذكرنا، ولا ينظر إلى الله أحد من أعدائه يوم القيامة بمعنى ما ينظر أولياؤه.

  ويقال في اللغة: إنما ينظر العبد إلى سيده، وإنما ينظر إلى الله ثم إليك، يريدون بذلك ما يأتي من المنظور، وعلى هذا المعنى قول الناس.

  وقال الله تبارك وتعالى يخبر عن أعدائه، أنه لا ينظر إليهم، ولا يكلمهم فيها، وفي الحالة التي لا ينظر إليهم الله يراهم، وقوله: {لا يكلمهم الله}، أي: لا يسألهم، وقد كلمهم بما فيه حزنهم، وإن العالمين بالرب علم اليقين عاينوا