تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}

صفحة 307 - الجزء 3

  وكان من المصلين - لكان بذلك عند الله من الفائزين؛ ولكن لم يكن كذلك، فكان من الهالكين.

  ثم قال سبحانه: {ولكن كذب وتولى ٣٢}، معنى {ولكن} هو: بلى، يقول: بل كذب وتولى، أي: كذب بالحق، أي: جحد ولم يقر ولم يصدق. {وتولى}، يقول: التوى عن الحق، وانصرف عن الصدق.

  {ثم ذهب إلى أهله يتمطى ٣٣}، يقول: رجع من عند الرسول صلى الله عليه وعلى آله إلى أهله مكذبا يتمطى، والتمطي: شيء يفعله الزاهد فيما يلقى إليه، ويؤمر به ويتلى عليه، وهو: أمر يدل من فاعله على الانكسار عما يتلى عليه، والملالة لما يؤمر به، فإذا مل وضجر من ذلك العمل كائنا ما كان - داخله الزهد فيه، والضجر منه؛ يتمطى لما يداخله من الملالة له. والتمطي فهو: مد اليدين والتلوي، و التلفت بالمنكبين والتثني؛ ولا يقع هذا إلا بالمال؛ لما هو فيه من الضجر منه. فأخبر الله سبحانه عن المعرضين عن الله وعن رسوله، الزاهدين فيما يتلى عليهم من كتابه: أنهم بضجرهم وملالتهم، وكراهتهم لما يلقي صلى الله عليه وعلى آله في آذانهم - ينقلبون إلى أهلهم يتمطون؛ من استثقال ما سمعوا منه من تلاوته كتاب الله، وبغضهم له؛ فدل تمطيهم على ضجرهم وملالتهم، وكراهيتهم لذلك من فعله.

  ثم قال سبحانه: {أولى لك فأولى ٣٤ ثم أولى لك فأولى ٣٥}، يقول: كيد لك يا ضجرا تتمطى، ويا زاهدا في الهدى كيد لك، ومعنى {أولى} هو: كيد لك، ومعنى «كيد لك» أي: كاد أخذ ربك أن ينزل بك عند فعلك، وكادت نقمته أن تحل بك عند تعنتك، وكادت بطشة ربك أن تنالك عند تمطيك، وحين إدبارك عن الحق وتوليك؛ وكذلك تقول العرب إذا رمت أغراضها، فقاربت سهامها الغرض - قالت: كادت به، أي: قاربته وقصدته، ودانته ولم تصبه بعد، وكذلك إذا طعن الفارس شيئا فداناه ولم يصبه - قالت العرب: كادت به، أي: