تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}

صفحة 324 - الجزء 3

  للعمل الصالح، الذي يجد ثوابه عند ربه، في يوم حشره، ومعنى {سبيلا} أي: وصلة ومعنى صالحا، يجد عند الله ثوابه.

  {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}، يقول سبحانه: وما تقدرون على اتخاذ السبيل إلى الله، إلا أن يجعل فيكم استطاعة وقوة على ذلك، وعقولا تميزون بها بين رضاء الله وسخطه، فتتبعون الرضاء، وتدعون السخط؛ فلولا أن الله أراد أن يجعل فيكم تلك الاستطاعة التي تنالون بها التمييز، وتصلون بها إلى العمل - ما قدرتم على ذلك أبدا، غير [أن] الله سبحانه أراد: أن يجعل استطاعة ذلك فيكم وتركيبها، فجعل فيكم استطاعة تنالون بها الخير والشر، وأمركم ونهاكم؛ {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم ٤٢}⁣[الأنفال]. {إن الله كان عليما حكيما ٣٠}، فمعنى {كان} أي: لم يزل، ومعنى {عليما} فهو: الذي لا يخفى عليه شيء، العالم بكل شيء كان أو لم يكن مما سيكون، فقد علم ما كان من قبل أن يكون، وعلم ما سيكون أنه سيكون من قبل أن يكون، ومعنى {حكيما} أي: متقنا لفطرته، ولجعله وخلقه، الذي لا يتغير ما أثبت، ولا يثبت ما غير، الجاعل ما لا يصلح غيره، الحسن التدبير، الجيد التقدير، الذي لا تفاوت في خلقه، ولا فساد في تدبيره.

  ثم قال سبحانه: {يدخل من يشاء في رحمته}، والرحمة هي: الثواب، والذي شاء أن يدخلهم في رحمته فهم: أهل طاعته دون أهل معصيته؛ ألا تسمع كيف ميز بينهم وبين الظالمين، فقال: {والظالمين أعد لهم عذابا أليما ٣١}، فجعل الرحمة للمطيعين، والعذاب الأليم للظالمين، والظالمون فهم: الظالمون لأنفسهم، بإدخالها في عذاب ربهم. قوله: {أعد} أي: هيأ وجعل، والأليم فهو: الشديد المؤلم، الموجع المبالغ ممن داناه.

  والحمد لله حق حمده، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما.