تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة المرسلات

صفحة 331 - الجزء 3

  يقول: لا ينطقون منطقا ينفعهم، ولا يتكلمون بكلام يقبل منهم. ومعنى {يؤذن لهم فيعتذرون ٣٦} أي: لا يؤذن لهم في التوبة فيتوبون، والرجعة والأوبة إلى الحق فيؤوبون ويرجعون، ثم أخبر سبحانه: أن ذلك اليوم لا يجوز فيه توبة، ولا يقبل من ظالم معذرة؛ لأنه يوم جزاء على ما تقدم من الأفعال، وليس بأوان عبادة ولا عمل فيعملون.

  ثم كرر الوعيد للمكذبين بقول رب العالمين، فقال: {ويل يومئذ للمكذبين ٣٧}.

  ثم أخبرهم بوقوع اليوم الذي كانوا به يكذبون، فقال: {هذا يوم الفصل}، ويوم الفصل فهو: يوم القطع بينهم بالحق، وهو: يوم القيامة والحشر. {جمعناكم والأولين ٣٨}، يقول: جمعناكم في هذا اليوم والأولين، والأولون فهم: الذي كانوا قبل عصر النبي صلى الله عليه وعلى آله من الأمم؛ فسمى الله تبارك وتعالى من كان قبل محمد صلى الله عليه وآله: أولين، وسمى الله من كان في عصر محمد صلى الله عليه وعلى آله ثم إلى آخر الدين: آخرين.

  ثم قال سبحانه: {فإن كان لكم كيد فكيدون ٣٩}، يقول: فإن كان لكم علي سلطان أو مقدرة، أو كنتم تستطيعون تغيير شيء من فعلي بكم، أو دفع عظيم صنعي فيكم - فادفعوه لتضادوني بذلك، وإن كنتم تطيقون إدخال ضرر علي - فأدخلوه بمكيدة تكيدونها، أو بمجاهرة تجاهرون بها. وإنما أراد الله سبحانه بهذا القول: توقيف أعدائه على ضعفهم، وشدة تكبرهم، وقلة منفعة شركائهم لهم، وأوليائهم الذين كانوا يطيعون من دون الله لهم، فقررهم على الاستسلام، وأوقفهم على صدق ما جاء به محمد #.

  ثم قال: {ويل يومئذ للمكذبين ٤٠}، فأخبر: أن الويل والعذاب الطويل - عليهم وعلى نظرائهم من المكذبين، من الأولين والآخرين.