تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة المرسلات

صفحة 333 - الجزء 3

  الدنيا للمؤمنين، وكما تتصل كرامة الدنيا بكرامة الآخرة للمتقين.

  ثم كرر ذم المكذبين، فقال: {ويل يومئذ للمكذبين ٤٧}.

  ثم ذكر ما كانوا فيه في الدنيا من كفرهم، وترك قبول ما يؤمرون به من طاعة ربهم، فقال: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ٤٨}، يريد بـ {اركعوا}: اخشعوا لله واخضعوا، ولا تتجبروا ولا تتكبروا، وأدوا فرضه عليكم؛ فأراد ø بالركوع هاهنا - والله أعلم -: التذلل لله والخضوع، والإقرار بأمره والخشوع، والقبول لما به يأمرهم، والانتهاء عما عنه ينهاهم؛ وكذلك قال في أصحاب موسى #: {ادخلوا الباب سجدا}⁣[البقرة: ٨٥]، يقول سبحانه: خشعا خضعا، ذاكرين الله مقدسين، شاكرين على نعمه، ذاكرين له بصنائعه، عارفين بقدرته وجلاله، مقرين بأن النصر الذي رأيتموه - من قبله، وإنكم لم تدخلوا إن دخلتم إلا بتقويته، إن أطعتم فقواكم. فلو كانوا فعلوا ما أمروا به، وقالوا ما دلوا عليه، من قول الحطة - لكانوا قد نصروا نصرا عزيزا، وحطت عنهم لذلك الذنوب المتقدمة، ووجبت لهم الكرامة المتأخرة؛ ولكن خالفوا وأبوا وعتوا، فذاقوا وبال أمرهم إذ عصوا. فذلك معنى ما ذكر الله سبحانه في آخر {والمرسلات} من الركوع، وهو عندي على معنى: ما أمر الله به قوم موسى # من السجود؛ أراد بهما كلتيهما - والله أعلم وأحكم -: التذلل لله والخشوع له، والمعرفة به والخضوع.

  ثم كرر ذم المكذبين؛ تنبيها في الدنيا لهم، واحتجاجا بذلك عليهم، فقال: {ويل يومئذ للمكذبين ٤٩}.

  ثم قال: {فبأي حديث بعده يؤمنون ٥٠} أي: بأي قرآن أو أمر أو نهي بعد هذا القرآن المبين، الساطع نوره، الظاهر برهانه. {يؤمنون ٥٠}، ومعنى {يؤمنون} فهو: يصدقون ويقرون؛ فأخبرهم سبحانه بما قال من ذلك؛ أنه لا