تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة النبأ

صفحة 350 - الجزء 3

  {عطاء}، ومعنى {عطاء} فهو: هبة وجزاء. {حسابا}، يقول: عطاء كثيرا، إن حسب كثر حسابه، وإن عد لم يحط بعدده، كثيرا جسيما، جزيلا عظيما.

  ثم قال سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا ٣٧}، ومعنى {رب السموات} هو: مالكها وقاهرها، وصاحبها ومقدرها، وكذلك: الأرض وما بينهما؛ ومعنى {وما بينهما} فهو: ما على وجه الأرض من الإنس وغيرهم من الأشياء، وما فوق ذلك من الجن والإنس والسحاب والنجوم في الهواء؛ فهو: مالكهما ومدبرهما، ومالك ما بينهما، وسيدهما ومليكهما. {الرحمن} فهو: الرحمن، صاحب الرحمة والسلطان، والعظمة والبرهان، وهو: اسم من أسامي العزيز الجبار. {لا يملكون منه خطابا} أي: لا ينالون عنده مخاطبة ولا بهتانا، ولا مكابرة وجحدانا. و {منه} فمعناها: عنده، فقامت «من» مقام «عند»، وهذه حروف الصفات يخلف بعضها بعضا، ويجزي بعضها عن بعض؛ من ذلك قول الله سبحانه، فيما حكى عن فرعون اللعين: {لأصلبنكم في جذوع النخل}⁣[طه: ٧١]، والجذع لا يصلب فيه، وإنما يصلب عليه، أراد: لأصلبنكم على جذوع النخل، فقامت «في مقام» على «، وكذلك قامت» من «مقام» عند «في» قوله: {لا يملكون منه خطابا ٣٧}؛ فأخبر ø: أنهم لا يملكون عنده قبول عذر معذرة، ولا ينفعهم جحدان، ولا يجوز عنده إلا الحق في ذلك اليوم، وهو:

  {يوم يقوم الروح والملائكة صفا}، وقيامهم فهو: وقفهم، فهم بين يدي ربهم، وانتظارهم لأمر خالقهم. و {صفا} فهو: صفوفا. و {الروح} فهو: جبريل صلى الله عليه. و {الملائكة} القيام صفا في ذلك اليوم فهم: الشهود والكتبة، والحفظة على الآدميين ما كان من أفعالهم في دنياهم، وهم الذين قال الله سبحانه: {عن اليمين وعن الشمال قعيد ١٧ ما يلفظ من قول إلا لديه