تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة النبأ

صفحة 352 - الجزء 3

  المهلكات، والمآثم الموبقات. ثم أخبر بوقت ذلك العذاب، فقال: {يوم ينظر المرء ما قدمت يداه}، فأخبر سبحانه: أن ذلك العذاب يكون في ذلك اليوم الذي ينظر فيه المرء ما قدمت يداه. {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ٤٠}، وهو: يوم الحشر والحساب، ومواقعة العقاب والعذاب، ومعنى {ينظر} فهو: يجد ما قدمت يداه؛ معنى وجوده لما قدمت يداه هو: وجوده لجزاء فعله، ومواقعته ومعاينته لصدق ما وعد وأوعد على فعله، مما اكتسبته يداه في حياته وقبل وفاته. ومعنى قول الكافر: {يا ليتني كنت ترابا ٤٠} فهو: تحسر منه وتندم، وفرق وهلع، وشدة وجزع، مما يعاين مما أعد الله له من العذاب الأليم، وما يستحب إليه من الجحيم، وما يصب فوق رأسه من الحميم؛ جزاء على كفره، وعذابا على صده عن طاعة ربه في حياته؛ فيقول عند معاينته ما يعاين من البلايا: «يا ليتني لم أرد حيا، ولم أبعث في هذا اليوم بشرا سويا، وكنت في القبر كما كنت ثاويا ميتا، وباليا فانيا، ورميما رفاتا ترابا»؛ فيتمنى أنه بقي ترابا رميما، ولم يلق ما لقي من جزاء فعله الرديء، وعمله السيئ؛ {ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ٤٩}⁣[الكهف]؛ فنعوذ بالله من البلاء، ونسأله الرحمة والهدى، والمعونة على أمور الآخرة والأولى، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي الجليل.