قوله تعالى: {والجبال أرساها 32}
  فالوجه الأول: {أرساها} يعني به: أثبتها، فقال في سورة النازعات: {والجبال أرساها}، يقول: أثبتها في الأرض؛ لأن لا تزول بمن عليها، وكقوله: {وقدور راسيات}، يعني: ثابتات في الأرض.
  والوجه الثاني من {أرساها}: يعني به: حينا، والحين هو الوقت، فذلك قوله ø في ذكر القيامة: {أيان مرساها}، يقول: مجيئها وقيامها وحينها.
  وهذا تفسير السورة كاملة للإمام القاسم بن إبراهيم #:
  قال الله سبحانه: {والنازعات غرقا ١ والناشطات نشطا ٢ والسابحات سبحا ٣ فالسابقات سبقا ٤ فالمدبرات أمرا ٥}.
  فقال #: {النازعات} فيما أرى - والله أعلم - فهن: السحائب المنتزعات لماء الأمطار من البحار والأنهار، ومما في الأرض من الندوة والبخار، وكذلك صح في الروايات والأخبار. معنى {غرقا ١}: مغرقات لما أمطرن، وكذلك المغرق من كل شيء أيضا: الناهي فيه، تقول: «أغرق في النزع».
  وهن {الناشطات} في نزعهن {نشطا ٢}، والنشط والإغراق هو: القوة في النزع والصب، ومما ينتزع من المنتزع صكا. ومعنى تنشط الماء فهو: تحيده وتطلعه، و {نشطا} مصدر كمصادر الكلام.
  {والسابحات} هن: السحائب يسبحن في الهواء سبحا، كما يسبح في الماء من كان سابحا، يمينا ويسارا، وإقبالا وإدبارا، كما أراد الله ø وشاء. {سبحا ٣}: مصدر أيضا.
  وهن أيضا {ـالسابقات} بالمطر والغيث، برحمة الله وفضله، غير مسبوقات بإمساك الله للمطر لو أمسكه عن الأرض وأهلها بعدله، وقد يكون {ـالسابقات} هو البرق؛ لأن البرق أسرع شيء خفقا، وأحثه اختطافا وسبقا.
  والسحائب أيضا فهي {ـالمدبرات} بما جعل الله من الغيث فيهن للشجر