تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه 24 أنا صببنا الماء صبا 25 ثم شققنا الأرض شقا 26 فأنبتنا فيها حبا 27 وعنبا وقضبا 28 وزيتونا ونخلا 29 وحدائق غلبا 30 وفاكهة وأبا 31 متاعا لكم ولأنعامكم 32}

صفحة 361 - الجزء 3

  وينبت في الأودية والآكام. {متاعا لكم ولأنعامكم}: إلى انقضاء آجالها وآجالكم، فرزقناكم فواكهها وحبا، ورزقنا أنعامكم عظاها وأبا؛ فكل ما خرج فقد سماه لأهله ومن يملكه: رزقا؛ فهو لمن أجاز الله له أكله، وأحل له أخذه، وأمره عليه بشكره، فقال: {كلوا واشربوا ولا تعثوا في الأرض مفسدين}، وقال: {يا أيها الناس كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}، وقال: {كلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون}؛ فرزق ذو المن والسلطان، والجبروت والبرهان، كل عبد ما أحل له وأمره بأخذه، فأما ما نهاه عن أكله، وعذبه في قبضه - فليس ذلك لعمرهم من رزقه، وكيف يحوز رزقا وقوتا به يعيشون وفيه يتقلبون، وينهاهم عن أخذ ما أعطاهم، وإليه ساقهم وهداهم؛ فهذا - والحمد لله - ما لا يغبى على من وهبه الله علما وفهما، وتمييزا ولبا؛ والحمد لله رب العالمين. انتهى.

  وقال في شرح الرسالة الناصحة للإخوان للإمام عبد الله بن حمزة #، بعد ذكره للآيات المذكورة:

  فعم بالذكر سبحانه متاعنا ومتاع أنعامنا، في هذه الألفاظ القليلة، الحلوة الجليلة؛ لأنه عم بقوله: {حبا} جميع أنواع الحبوب، وبقوله: {وحدائق غلبا} جميع أنواع الأشجار المثمرة، وبقوله: {وفاكهة} جميع الفواكه؛ لأنه نكر واحد الجنس، فاقتضى العموم، وكذلك «الأب» عم جميع متاع البهائم، من الكلأ والخلى، وخص «الزيتون والنخل والعنب» مما يختص بالآدميين؛ لجلالة قدره، كما أعاد ذكر جبريل وميكائيل عقيب ذكر الملائكة، وإن كانا منهم؛ لجلالة قدرهما، وذلك ظاهر في قوله سبحانه: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال}⁣[البقرة: ٩٨]، وكذلك إعادته لذكر «القضب»، مع أنه يعود في أصل اللغة إلى: الأب؛ لعظم حاله في نفع البهائم؛ وعجائب الكتاب الكريم وغرائبه لا تنقضي؛ فالحمد لله الذي جعلنا من ذرية نبيئه ÷،