تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}

صفحة 371 - الجزء 3

  ذنب كانوا يقتلون؛ تبكيتا لآبائهم، وتعريفا للآباء بذنوبهم في قتلهم، وتوقيفا لهم على ظلمهم إياهم وتعنيفا.

  {وإذا الصحف نشرت ١٠}، والصحف هاهنا - والله أعلم -: إحصاء الله للذنوب، ونشر ما حفظت الحفظة على المذنبين، وإعلان ما كانوا يسرون منها في الغيوب، حين يعاين من قبائح الذنوب كل داهية، فيصير مكتومها وخباياها مكشوفا علانية.

  {وإذا السماء كشطت ١١}، وكشطها: قلعها من موضعها إذا طويت.

  {وإذا الجحيم سعرت ١٢}، وتسعيرها: التهابها واضطرامها إذا أججت.

  {وإذا الجنة أزلفت ١٣}، إزلافها: إحضارها وتقريبها إذا قربت.

  يقول الله سبحانه: {علمت نفس ما أحضرت ١٤}، {ما أحضرت} - والله أعلم - هو: ما تعلمه النفوس يومئذ وتذكره من الذنوب بعد نسيان، ويعلم منه ما أحضرت، وما لها به من الثواب، أو عليها فيه من العقاب، بأيقن الأيقان، إذا رأت ثواب حسنه، والعقاب في سيئه بالعيان.

  ثم قال سبحانه بعد هذا القصص من خبر يوم القيامة صادقا، وللخبر اليقين بقسمه البر محققا، وبعجيب آياته مقسما، ولما هو عجيب منها في الحكمة معظما، وبإقسامه به على عجيب ما فيه من آياته منبها: {فلا أقسم بالخنس ١٥ الجوار الكنس ١٦}، والخنس - والله أعلم -: النجوم الخمسة، والقمر والشمس - فمن النجوم الجارية، وجريها: تحريكها في الفلك بأنفسها؛ وخنوس ما خنس منها: رجوعها إذا بلغت الشمس إلى الدرجات التي خلفت من ورائها؛ والخنوس في لسان العرب: الرجوع إلى وراء بعد السير قدما. والخنوس - والعلم عند الله - الذي هو الرجوع بعد الاستقامة - لا يذكر به شيء من النجوم، إلا هذه الخمسة، من: زحل، والمشتري، والمريخ، وعطارد، والزهرة؛