قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين 29}
  لديه وقدره عنده مخبرا: {مطاع ثم أمين ٢١}، يعني سبحانه: أن جبريل مطاع ثم، و {ثم} يعني بها: السماء، فهو ثم مطاع، والملائكة له فذو استماع. وهو هنالك الأمين، ومجاب الدعوة عند الله، يعطى ما سأل عند الله؛ فهو الذي لا يخون؛ لأمانته وصدقه وبره، ومنزلته عند الله ومكانته، وهو المجاب المطاع في دعوته.
  ثم أتبع الثناء على جبريل: بالثناء على الرسول صلى الله عليه وعلى آله، فقال: {وما صاحبكم بمجنون ٢٢}؛ لما كان المشركون ينسبون إليه من الجنون.
  {ولقد رآه بالأفق المبين ٢٣}، يعني سبحانه: رؤية النبي لهذا الرسول الكريم - وهو: جبريل ذي القدرة عند الله العظيم -؛ إذ رأى النبي جبريل صلى الله عليهما بالأفق من السماء، المبين.
  {وما هو على الغيب بضنين ٢٤}، يعني - والله أعلم -: بمتهم عند الله في سره المغيب، بادعاء باطل ولا تكذيب.
  ثم قال تعالى للمشركين مكذبا، فيما كانوا يرمون به النبي # ظلما وكذبا، من الأخذ لما يقول عن الشياطين، كما كان يفعل الكهان المبطلون: {وما هو بقول شيطان رجيم ٢٥}.
  ثم قال تبارك وتعالى: {فأين تذهبون ٢٦}، يعني: فأين تذهبون باهتين كاذبين، في اتباع ظنونكم حائرين ضالين.
  ثم أخبر عن هذا الوحي الصادق، والخبر عما نبأ به من أنباء الحشر وغيره، من وحيه إلى رسوله ونبيئه، فقال: {إن هو إلا ذكر للعالمين ٢٧}، يعني سبحانه: إن هو إلا تذكرة وتذكير للمتذكرين.
  ثم قال سبحانه، لا إله إلا هو: {لمن شاء منكم أن يستقيم ٢٨}، فدل بقوله: {لمن شاء منكم أن يستقيم} على: أنه قد أعطى القدرة، والاستطاعة