تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير 26}

صفحة 152 - الجزء 1

  حكمه، المغتصبون ما جعل الله سبحانه لأوليائه، المعتدون لما حكم به في خلقه وبلاده؛ أولئك يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا؛ فسبحان من لم يقض بشيء من ذلك لأعدائه، ولم يؤته غير أولياءه.

  وفي نفي الحكم منه بشيء من ذلك لأعدائه: ما يقول لإبراهيم صلى الله عليه: {لا ينال عهدي الظالمين}، والعهد فهو: العقد بالأمانة، والحكم لهم بالطاعة، ومعنى: {لا ينال عهدي الظالمين} فهو: لا يبلغهم ولا يجيزهم.

  وقال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش #، بعد أن ذكر هذه الآية أيضا؛ فقال:

  فإن مراد الله سبحانه بهذا: أنه يعطي النبوة من اصطفاه، ومعنى اصطفاه: اختاره على علم منه بقيامه بأمره، وطهارته، وإخلاصه له في الدين؛ فحكم سبحانه لأنبيائه بالملك، وجعله لهم، وقد حكم أيضا بالملك لغير الأنبياء، من: الأئمة الملوك، الذين أخذوا الملك من جهة الطاعة له، مثل: طالوت، وذي القرنين، فمن دونهما؛ فإنهما لم يكونا نبيئين، وكانا بقيامهما بأمر الله وطاعتهما إياه مستحقين للملك؛ فأما من تغلب بالكفر والمعاصي لله على الناس، فلم يعطهم الله ذلك الملك الذي تغلبوا عليه.

  وقوله: {تنزع الملك ممن تشاء} فذلك: تسليطه الأنبياء والمرسلين على من تغلب بالناس فملكوهم؛ حتى انتزعوا الملك منهم: بأمر الله وحكمه؛ وذلك في مثل كسرى وغيره، أو بموتهم، فإنه إذا أماتهم، فقد انتزع منهم ملكهم في كل شيء.

  {وتعز من تشاء} فذلك العز: إعزاز الأنبياء بالأمن من سخطه، وبطاعتهم إياه، وبما معهم من الحجج والبراهين، وبولايته إياهم، وكذلك جميع المؤمنين، وبمحبته لهم، وبما أعد لهم من كراماته في الجنة ودار البقاء من حسن الجزاء، وبما قتلوا وطردوا في هذه الدنيا.