قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير 26}
  {وتذل من تشاء}: فإنه قد أذل من كفر به وعصاه: بلعنه له، وعداوته إياه، وضعف حججه، وتسليطه أولياءه عليه، وأمرهم بقتله، وتصييره بعد ذلك إلى النار الدائم عذابها، فلا يكون أذل من أعداء الله وإن عاشوا في الدنيا قليلا، وتمتعوا منها يسيرا، والحمد لله على جميع بيانه، ولطيف إحسانه وامتنانه.
  وقال في كتاب حقائق المعرفة، بعد أن ذكر هذه الآية؛ فقال:
  وتأويل الآية: أن الله تعالى يؤتي الملك من يستحقه، وهو: النبوءة والرسالة والإمامة، كما قال تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالته}[الأنعام: ١٢٤]، وينزعه ممن لا يستحقه، ويعز أولياءه، ويذل أعداءه.
  وقال في مجموع الإمام عبدالله بن حمزة # في القسم الثاني:
  مسألة: قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير ...} الآية:
  الكلام في ذلك، ومن الله نستمد التوفيق: أن الله تعالى مالك الملك على الحقيقة؛ إذ هو الغني الذي لا يفتقر، والعادل الذي لا يجوز عليه العجز، ولا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب؛ وهذا هو الملك على الحقيقة، فهو مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء بالحكم والأمر إن كان محقا، وبالتخلية والتمكين وتهيئة الأسباب إن كان مبطلا؛ لتكمل عليه الحجة، ويطالبه بموجب شكر النعمة، فإن عمل بالملك بما أمره أعطاه خير الدنيا وثواب الآخرة، وإن خالف ذلك أنزل به عقوبة الكافرين في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة، ولا يمتنع ذلك في الحكمة، ولا تلحقه بالجور؛ إذ الباري سبحانه قد أعطى الكفار ابتداء ما يمثل لك الدنيا جميعا لو خيره أهل العقول، من: العاقبة، والجوارح السليمة، والعقل الذي به كمال النعمة؛ فإذا جاز فعل ذلك لمن لا يستحقه؛ لتكمل عليه الحجة، فإضافة ما هو دونه إليه: لا مانع منه في الحكمة؛ لمثل ذلك، ولأنا قد شاهدنا الملك منتظما لإنسان دون إنسان ممن طلبه، وربما أن المحروم أحرم وأكمل ممن ناله وأدركه؛