قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا 22}
  تعالى بالعدل، في مقامهم الذي جمعوا فيه لحكم الفصل، وصار العاصون إلى مقرهم من النار، وقيل لنفوس المتقين الأبرار، الذين ألقى الله عليهم السكينة من روعات ذلك اليوم فلم يرتاعوا، وأنزلت على قلوبهم الأمنة من فزع يومئذ، فاطمأنوا ولم يفزعوا: {يا أيتها النفس المطمئنة ٢٧}؛ إذ في اطمئنانها يوم الفزع الأكبر أعجب العجب وأعظم المنة.
  {ارجعي إلى ربك راضية مرضية ٢٨}، وتفسير رجوعها إلى ربها هو: رجوعها إليه فيما وعد من ثوابها، قد رضي سبحانه منها بتقواها وطاعتها، ورضيت بما صارت إليه من الثواب والنعيم في جنتها.
  والنفس هاهنا المطمئنة: جميع نفوس المؤمنين، الذين يكونون يوم الفزع الأكبر آمنين مطمئنين، وسواء قيل: {يا أيتها النفس المطمئنة ٢٧}، أو قيل: يا أيتها النفوس، عند من يفهم في ذلك ما أفهمه الله الملك القدوس، كما سواء في الشرح والبيان قيل: يا أيها الناس، أو: يا أيها الإنسان.
  ثم قال تبارك وتعالى، للنفوس المطمئنة من أهل التقوى: {فادخلي في عبادي ٢٩ وادخلي جنتي ٣٠}، ودخولهم في عباده فهو: مصيرهم في الجنة إلى مقر أوليائه، ولحوقهم بمن عنده فيما أعد لهم من ثوابه.
  والحمد لله رب العالمين، ونسأل الله أن يجعلنا من أوليائه المؤمنين، الذين يكونون في يوم الفزع الأكبر آمنين مطمئنين، وصلى الله على محمد النبي وعلى أهل بيته المتقين.