سورة القدر
  على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ١٠٦}[الإسراء]، ويقول سبحانه لرسوله ÷ في قراءته: {ورتل القرآن ترتيلا ٤}[المزمل]، والتفصيل هو: التقطيع والتنزيل.
  وفي إجماله وجمع إنزاله: ما يقول المشركون لرسوله صلى الله عليه وعلى أهله: {لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة}[الفرقان: ٣٢]، فقال سبحانه لرسوله ÷: {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ٣٢ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ٣٣}[الفرقان]؛ فنحمد الله على ما نور بذلك من حجته بمنه ورحمته تنويرا.
  ثم أخبر سبحانه: أن قد أنزله، وتأويل ذلك: أنه قد جعله الله كله في ليلة واحدة، فقال تبارك وتعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر ١}، و {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}[الدخان: ٣]، فأبطل بذلك كل حجة لمن كفر مظلمة مهلكة؛ فكان ذلك من قدرته ما لا ينكره من أهل الجاهلية من أقر بمعرفته.
  وقد يمكن أن يكون تأويل: {إنا أنزلناه} هو: تنزيله سبحانه من السماء السابعة العليا، إلى من كان من الملائكة في السماء الدنيا؛ وقد ذكر عن أمير المؤمنين علي ~: «أن ذلك هو تأويل {إنا أنزلناه} وبيانه».
  فأي التأويلين جميعا تؤل فيه - وقع بإنزاله كله عليه.
  ولو كان إنما أريد بذلك إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم - لكان إنما نزل إليه مفرقا ومقطعا، غير مجمل من الله؛ وإنما قال الله: {إنا أنزلناه} فأوقع التنزيل على كله، لا على بعضه، وقال لرسوله ÷: {إن الذي فرض عليك القرآن}[القصص: ٨٥]، فأخبر سبحانه بفرضه، والفرض هو: التقطيع والتفصيل، كما يقول القائل للشيء إذا أمر بقطعه: «افرضه وفصله»؛ ليقطعه، وتأويل: {إن الذي فرض عليك القرآن}[القصص: ٨٥]