تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة القدر

صفحة 455 - الجزء 3

  هو: إن الذي قطع تفريقا ما نزل من القرآن إليك؛ وذلك هو: الله الرحمن الرحيم، وما فرض فهو: كتابه المنزل الحكيم.

  وأي القولين اللذين ذكرنا، وبينا في ذلك وفسرنا قيل به - فتأويل، وأمر كبير جليل، كريم ذكره، واجب شكره.

  وليلة القدر التي نزل فيها القرآن - فليلة من الليالي مباركة، تتنزل الملائكة فيها - كما قال الله تبارك وتعالى: الروح والملائكة -؛ لبركتها وقدرها، وما عظم الله من أمرها، {بإذن ربهم من كل أمر ٤} من أمور الله، بنازلة وبركة لأهل الأرض كلهم شاملة؛ فليلة ذلك الوقت والخير والقدر - خير، كما قال: {خير من ألف شهر ٣}؛ لما جعل الله جل ثناؤه فيها من اليمن والبركات، وما يمسك الله فيها عمن أجرم من النقم والهلكات، ولما نسب الله إليها من الخير - تنزلت الملائكة والروح فيها من أعلى العلا إلى الأرض السفلى.

  يقول الله سبحانه: {بإذن ربهم}، تأويل ذلك: بإذن الله فيها لهم.

  وقد قال غيرنا في تأويل {من كل أمر ٤}: إنه من كل وجهة.

  وما قلنا به - والله أعلم - في: نزولهم من أمر الله ورحمته بكل نازلة - أشبه وأوجه؛ فهم ينزلون فيها من أمر الله وتقديره، ولما جعل الله فيها من بركاته وخيره - وحدانا، وزمرا وأرسالا، ببركتها وإعظاما لها وإجلالا، وإذ جعلها الله سبحانه لتنزيله ووحيه وقتا ومقدارا، وذكرها بما ذكرها به من القدر تشريفا لها وإكبارا.

  وليلة القدر: ليلة جعلها الله من ليالي رمضان؛ ألا ترى كيف يقول سبحانه: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}⁣[البقرة: ١٨٥]، ويقول سبحانه بعد ذكره لشهرها، وما جعل الله فيها من بركتها ويمنها: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ٣ فيها يفرق كل أمر حكيم