تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة القارعة

صفحة 467 - الجزء 3

  كلهم جميعا باستماع، كما قال سبحانه: {يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له}⁣[طه: ١٠٨]، تأويلها: لا اختلاف لهم بعد معه، كما كانوا يختلفون في المذاهب قبل دعائه، وما سمعوا وهم في حيرتهم من ندائه، كما قال سبحانه: {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب ٤١}⁣[ق]، وهو يوم الإصاخة بالأسماع؛ لتسمع صوت المنادي الداعي؛ وفي ما ذكرنا من هذه الإصاخة: ما قيل في يوم الصاخة: {فإذا جاءت الصاخة ٣٣ يوم يفر المرء من أخيه ٣٤ وأمه وأبيه ٣٥ وصاحبته وبنيه ٣٦ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ٣٧}⁣[عبس].

  وتأويل: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش ٥}، فالعهن هو: الصوف الناعم، الذي ليس يفرد، وذلك من الصوف - فما يلين للنفش في اليد، وينتفش ويتجافى، ويعود خفيفا أجوفا، وقد تفرقت أجزاؤه، وبان جفاؤه فعاد قليله كثيرا، وصغيره كبيرا؛ لتحلله وتمزقه، وتزايله وتفرقه؛ كذلك تبلى الجبال إذا بليت، وتفنى يوم القيامة إذا فنيت، فتكون كالسراب الرقراق، في الفناء والتهيؤ والامتحاق.

  وفي جزاء الأعمال، بعد تلك الأهوال - يقول الله سبحانه: {فأما من ثقلت موازينه ٦}، تأويلها: من ثقل في الوزن بره وإحسانه، فيسعد بثقله، وثقل بعمله.

  وتأويل {في عيشة راضية ٧} فهو: في عيشة مرضية زاكية.

  وإنما يعرف أمر الخفة يومئذ واليوم والثقل: بما يعرف منها اليوم في الحال، والقدر والعمل، وليس نعلم الخفة والثقل يومئذ في المقادير والأوزان - بمثاقيل يوزن بها من خف وثقل وجرمان؛ ولكنه يعرف - والله محمود - بما ذكرنا من العبرة والبيان، وما تعرفه العرب العاربة في اللغة واللسان.

  {وأما من خفت موازينه ٨}، فتأويله: من خف به فسقه وعداوته.

  {فأمه هاوية ٩}، تأويل {أمه} فهو: من مصيره ومهواه وما أمه؛ ألا