قوله تعالى: {الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2}
  وسألت: عن قوله: {أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ٦ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم}[البقرة: ٦ - ٧]؟
  فقال: الختم من الله على قلوبهم وعلى سمعهم وما جعل على أبصارهم من الغشاوة: كالران الذي قال الله: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}[المطففين: ١٤]؛ والختم فهو: الإقفال، وهو الطبع، فمعنى هذا كله واحد فيهم، وهو بما وجب من لعنة الله عليهم.
  وقال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش # ما لفظه:
  وكثيرا ما تسأل المجبرة عن قول الله سبحانه: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم}، ويعتقدون أن ختم الله على ذلك: منعها من فعل ما أمرها بفعله.
  والختم أرشدك الله في كلام العرب ينصرف على وجوه؛ فمنها: ختم الكتاب، وختم الكيس إذا جعل الرجل خاتمه على الطين أو الشمع يكون عليه.
  ومنها: أن العرب تقول: ختم هذا الأمر بالسفه، وبما لا يحسن.
  ومنها: التصديق والمتابعة على ما يقول القائل في ذلك، مثل أن يقول قولا فيصدقه الآخر؛ فيقول: «أنت تختم على ما يقول، ولا تنكر منه شيئا».
  ومنها: الشهادة والإقرار على الإنسان بما قد عرف منه، وذلك مثل: أن يعظه الواعظ، ويأمره برشد ويعاتبه؛ فيراه غير قابل النصيحة ولا عتابه؛ فيقول له: «ختمت عليك أنك لا تفلح ولا تنجح»، أي: شهدت عليك بذلك.
  وأواخر الأمور: خواتمها، ومن ذلك قيل: لنبئينا محمد ÷ خاتم النبئيين، وهذا يكثر تخريجه من اللغة فكان يجب على المجبرة: أن تنسب الله سبحانه إلى ما يليق مما جاءت به اللغة العربية، ولا تنسبه الى الجور وما يشبهه، وما لم يعرف في اللغة؛ فإنه لا يعرف في اللغة: أن الختم المنع من الشيء.
  وقد عرف الله سبحانه أنه لم يمنع عباده مما أمرهم به؛ وذلك فبقوله: {فما لهم