تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين 97}

صفحة 175 - الجزء 1

  الله ما به من علته خرج بنفسه، ولم يكل ذلك إلى غيره.

  وقلت: إنا جعلنا الحج من الثلث إذا أوصى به الميت.

  وكذلك فعلنا؛ لأن كل وصية عند الوفاة فإنما تخرج من الثلث، ولم يجعل الله للموصي عند الموت أن يوصي بأكثر من ثلثه، فأجزنا ما أجازه له خالقه، ومنعناه مما لم يجزه سبحانه له، والحج فإنما هو فرض على الرجل في رقبته، يؤديه لنفسه بحركاته وسفره، وحطه ورحله، وأما إذا حضرت الوفاة فليس له في المال إلا الثلث.

  وقلت: هل يخرج من سائر المال للحج إذا لم يكفه الثلث؟

  وليس ذلك يوجب على الورثة، ولا يلزمهم من حكم الله؛ فإن تبرعوا بشيء وأجازوه، فذلك بر منهم وإحسان، وليس بلازم لهم، ولا واجب عليهم.

  وقال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش # في سياق كلام ما لفظه:

  وقال ø في آل عمران: {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}، معنى ذلك: من ترك ما فرضته عليه من الحج وعصاني، فإني غني عنه؛ فجعله بترك طاعته كافرا. وقد قال بعض من يروم إطفاء نور الله: معنى {من كفر}: من جحدني وأشرك بي. وليس ذلك مشبها لمقتضى الآية؛ لأنه سبحانه أمر بفرض من فرائضه قوما يقرون ويؤمنون بوحدانيته، ويصدقون رسوله، ثم قال على إثر ذلك الفرض: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} فمعنى ذلك: فمن ترك ما أمرت، فكفر بتركه إياه، فإني غني عنه ... (إلى آخر كلامه #).