قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ماعنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون 118}
  بطانة من دونكم}: نهي منه ø للمؤمنين: أن يتخذوا بطانة، والبطانة فهي: الخاصة الموثوق بهم، المحبون المكرمون؛ فنهاهم الله سبحانه: أن يتخذوا الكافرين بطانة وأولياء، ثم قال: لا يألونكم خبالا، فأخبرهم أن هؤلاء الذين اتخذوهم بطانة لا يألونهم خبالا، والخبال فهو: الإفساد والمكيدة والاحتيال، ثم قال ø: {ودوا ما عنتم}، فأخبر: أنهم يودون ما عنت به المؤمنون، والعنت فهو: الهلاك؛ فأخبرهم: أنهم يودون ذلك ويحبونه ويشتهونه، ثم قال: {قد بدت البغضاء من أفواههم} بقبح اللفظ، والكلام والطعن على المؤمنين، والإفساد على الصالحين، والمساعدة لمن حاربهم من الكافرين، ثم أخبر ø أن ما تخفي صدورهم أكبر مما هم مضمرون، وله معتقدون في المؤمنين من التحسر عليهم، والطلب لهلاكهم، والتغيظ عليهم في جميع أحوالهم؛ فقلوبهم على المؤمنين وغرة، وأنفسهم عليهم حنقة، يطلبون لهم الغوائل، ويؤلبون عليهم القبائل، ثم أخبرهم سبحانه تبيينا بذلك للمؤمنين، وإيقافا على مكائد الفاسقين، فقال: {قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون}، يقول: إن كنتم تفهمون، ثم قال ø: {هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم} إعلاما منه سبحانه للمؤمنين: أنكم تعاملونهم بالصحة، وليس في محبتكم لهم غش ولا مكيدة، وهم يعاملونكم بالبغض والخيانة، ووغر الصدور، والانطواء على أقبح الأمور.
  ثم قال سبحانه: {وتؤمنون بالكتاب كله}، ولا تكذبون شيئا من حكمه، {وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}، يقول ø: إذا لقوا المؤمنين أعطوهم ظاهرا من القول، ومحالا من الكلام، وإذا خلوا عضوا - كما ذكر الله سبحانه - عليهم الأنامل من الغيظ، والأنامل فهي: الأصابع، وهذا يفعله كل من اشتد غيظه، وعظم حنقه؛ تأسفا وتحسرا، إذا قصرت يده عما لا يقدر أن يناله، فإذا كان ذلك عض أنامله، فقال الله ø أمرا منه لنبيه وللمؤمنين: أن يقولوا للكافرين عند ما أخبرهم به سبحانه من