قوله تعالى: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله}
  قال محمد بن يحيى #: معنى {بإذن الله}، أي: بعلمه، وكذلك فلا يموت أحد إلا بعلم الله، والكتاب المؤجل فهو: الوقت الذي قد علمه الله، وقدر فيه العمر والمدة.
  وقلت: فإذا قتل الرجل: هل يكون ذلك بإذن الله وبأمره؟
  فنقول - أكرم الله عن النار وجهك -: إن قتل الرجل بعلم الله، وليس علم الله الذي كان به قتله، وإنما علم الله ما كان من التعدي عليه، وأما بأمر الله وقضائه فمعاذ الله، ما أمر الله به، وكيف يأمر به، وهو يقول ø: {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}، ويقول سبحانه: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}، ويقول: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ...} الآية؛ فنهى عن قتل النفس، وذم فيها، وأوجب العقوبة على قاتلها؟! وكيف يجوز أن ينسب إليه ما تبرأ منه، وأوجب العقاب عليه؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبير ا، وهل يمكن في عدل الحكيم أن يقضي بقتل عبد على عبد، وقضاؤه لا حيلة فيه ولا مخرج منه، ثم يعذب القاتل، ويأمر بقتله؟! وهذا بعيد من العدل، والله برئ من ذلك؛ بل قد أمر خلقه بترك التعدي والظلم، فقال: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}، وقال: {النفس بالنفس}، وقال: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا}؛ فكيف ينسب إليه ما هو برئ منه سبحانه، ويأمر بخلافه، ويحكم بالتعيير على فاعله؟!
  وإن كنت أردت بقولك: «إن قتل المقتول بأمر الله»: من طريق ما حكم الله به على الظالمين، حيث يقول: {فاقتلوهم حيث وجدتموهم}، وقوله ø: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب}، وما أطلق للأولياء من القتل للقاتل الظالم لهم، المتعدي عليهم؛ فهذا لعمري من فعل الله تبارك وتعالى، وأمره وحكمه على ظلمة خلقه؛ مكافأة لهم على فعلهم، ومجازاة على قبيح عملهم، من بعد إقامة الحجة عليهم، وتبيين الحق لهم؛ وفي هذا من الحجج كثير، لو شرحناه