قوله تعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}
  يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له لكاتبون}، يريد بكاتبين: عالمين، ومثل قوله {إن الله يعلم ما في السموات والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}، يريد سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، يقول «في كتاب» أي: في علم معلوم، عند الله غير مكتوم.
  والثاني: معنى الحكم من الرحمن، وفي ذلك ما يكون من واضح الفرقان: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض}، إلى قوله: {كان ذلك في الكتاب مسطورا}، فقال: في كتاب، وإنما أراد: في حكم الله، وذلك في قوله في الطور: {وكتاب مسطور}، يقول: في الحكم مثبتا مفروضا، ومن ذلك قوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}، وقال: {كتبنا عليهم فيها}، يريد: وحكمنا عليهم فيها، فذكر أنه حكم على بني إسرائيل بما ذكر، من النفس بالنفس، ومعنى قوله: {فيها}: في التوراة التي أنزلها على موسى صلى الله عليه، وما أشبه ذلك في القرآن مما أراد به الحكم على الإنسان.
  والمعنى الثالث: فهو اسم الكتاب المنزل نفسه، مثل قوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين}، فأراد بذلك: هذا الكتاب الكريم، الذي يحصى في الصحف والدفاتر، وتعيه وتطمئن عليه الصدور والضمائر، ومثل ذلك قوله، وما أقسم به من كتابه وتنزيله، حين يقول: {والطور وكتاب مسطور}، وما كان في الكتاب مثل هذا وغيره، مما أراد به تفسير تنزيله ووحيه.
  فعلى هذا الثلاثة معان يخرج معنى الكتاب، ولن يوجد معنى رابع بسبب من الأسباب.
  وقال في كتاب حقائق المعرفة عند ذكره لهذه الآية:
  المراد بالكتاب هاهنا: العلم، يقول: لبرز الذين علم الله أنهم يقتلون إلى مضاجعهم، وعلم الله سابق غير سائق.