تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا 5}

صفحة 206 - الجزء 1

  السفهاء، التي جعلها الله لهم قياما، والقيام فهي: تقيمهم وتحييهم، والسفهاء هاهنا فهم: الأبناء والإخوة الذين أوجب الله على الآباء النفقة عليهم إذا كانوا فقراء؛ فأمرهم الله ø إذا علموا منهم الإفساد لها: ألا يدفعوا إليهم منها ما يفسدون، وبه على معصيته يستعينون، وأن يقوتوهم فيها؛ والسفهاء فهم: سفهاء الرأي، وسفهاء العقول الذين لا تمييز لهم ولا نظر في أمور نفوسهم؛ لقلة عقولهم، وبعد انتباههم، والعرب تسمي من كان كذلك سفيها: سفيه الرأي، وسفيه العقل.

  وقال في مجموع الإمام القاسم بن محمد #:

  كلمة السفهاء في الآية: تناول العصاة؛ بدليل قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ...}⁣[البقرة: ١٤٢].

  ثم قال في موضع آخر من الكتاب، في سياق الاستدلال على تحريم تسليم الأموال للعصاة ما لفظه:

  ومما يخص تحريم تسليم الأموال إليهم: قوله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ...} الآية [النساء: ٥]، ووجه الاستدلال بها: أن تفسيرها لا يخلو من أحد معنيين:

  إما أن يكون المراد بالسفهاء: الذين ينفقون المال في المعاصي، أو الذين يضيعونه؛ فأيهما ثبت فلا يخلو من أحد وجهين أيضا، وذلك: إما أن تكون الآية عامة في كل السفهاء، أو خاصة بمن يجب إنفاقه أو يستحب، أو يباح.

  إن كانت عامة، وكان المراد بالسفهاء: من ينفق المال في المعاصي فواضح؛ لأن الذين يسلمون المال إليهم، وينفقونه في المعاصي قد تناولتهم الآية بصريحها؛ لأنهم ينفقونه في المعاصي، من سفك الدماء، ونهب الأموال، واضطهاد المحقين، وظلم الأيتام والأرامل والمساكين، ويجب أن يكون قوله تعالى: {وارزقوهم فيها واكسوهم}⁣[النساء: ٥] خاص بسد فاقة من لا يحل دمه، وستر عورته، ممن