تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا 22 حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما 23}

صفحة 217 - الجزء 1

  أمها كمقام بنته، فحرمت الربائب على الرجال، بتحريم ذي القدرة والجلال، إذا دخل بأمهاتهن. وبنات الربائب على أزواج الجدات محرمات كتحريم البنات. وحرم - جل ثناؤه، وعز بكريم ولايته أولياءه - على الرجال نساء أبنائهم الذين من أصلابهم. وحرم على الأبناء نكاح ما نكح الآباء؛ استعظاما للآباء على نساء أبنائهم بالتحريم لهن عليهم، فجعلهن من آباء أزواجهن في التحريم عليهم كالمحرمات من: بناتهم، وأخواتهم، وربائبهم اللاتي في حجورهم. وجعل نساء الآباء محرمات على من ولدوا من الأبناء؛ تعظيما منه لحق الآباء على أبنائهم. وجعل أزواج آبائهم في التحريم عليهم كأمهاتهم، فقال في ذلك سبحانه: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف}، يقول: إلا ما قد مضى من فعل الجاهلية الجهلاء، وما كانوا يخطئون به على أنفسهم في نكاح أزواج الآباء من الأبناء. وكذلك حرم تبارك وتعالى: الجمع بين الأختين؛ نظرا منه للعباد، وإصلاحا منه تبارك وتعالى بذلك في البلاد، ومعونة منه لعباده على التبار والتقوى؛ لما في اجتماع الأختين عند الزوج من الشحناء، والتباغض بينهما والاعتداء، وما لا يطقن دفعه من قطيعة الأرحام، والمخالفة في ذلك لحكم الإسلام، ولشدة التغاير بينهما الذي قد يفعله ويأتيه غيرهما من الضرائر المتضارات، والأزواج المتغايرات، فوصل الله سبحانه بين الأختين؛ نظرا منه لهما بما حرم على جميع الرجال من الجمع بينهما. وحرم سبحانه: إنكاح المشركين حتى يؤمنوا، ونكاح المشركات حتى يؤمن، وقال في ذلك سبحانه: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم}.