تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65}

صفحة 236 - الجزء 1

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام المرتضى بن الهادي #:

  قال محمد بن يحيى #: معنى قوله: {فلا وربك لا يؤمنون}: ولا يصح لهم الإيمان، {حتى يحكموك فيما شجر بينهم}: من مناظرتهم، وما اختلفوا فيه من أمورهم، {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت}، والحرج فهو: الشك والارتياب وضيق الصدر، فإذا لم يجدوا ذلك في قلوبهم من حكمه، ولم يراجعوه في شيء من قوله، ويسلموا لذلك - فقد صح لهم الإيمان، وبعدت عنهم نزغات الشيطان؛ وهذا دليل على أنه قد كان مع رسول الله صلى الله عليه من إذا حكم عليه بحكم، أو أنفذ شيئا من أمور الله فيه - حرج صدره، وضاقت نفسه؛ فنبههم الله في ذلك، وبين لهم أنه شريطة الإيمان، ويتم عليهم فيه من الله النعمة والإحسان؛ فهذا معنى الآية وتفسيرها.

  وقلت: هل كتب الله عليهم أن يقتلوا أنفسهم؟

  أولا تسمع كيف يقول ø: {ولو أنا كتبنا عليهم}⁣[النساء: ٦٦]، ولم يقل: كتبنا؛ فأخبر سبحانه: أنه لو امتحنهم وأمرهم بشديد من الأمر - ما قدروا على ذلك ولا أطاقوه؛ فهذا يوجب الشكر له ø عليهم؛ إذ لم يمتحنهم بمحنة تصعب، ولا بفرض منه سبحانه يغلب، ولم يكلفهم شيئا من الأمور المعضلات، التي كلفها غيرهم من القرون الخالية، والأمم السالفة؛ فيجب عليهم بتركها: اسم المعصية، ويستوجبوا من الله فيها النقمة، أو يحمدوا على فعله، ويثابوا في الآخرة على عمله؛ بل خفف عليهم الامتحان، وأوجب لهم بفعلهم المغفرة والرضوان.

  وقد ذكر ø: أنه قد امتحن قوم موسى بقتل أنفسهم، وقيل: إنهم امتحنوا بقتال عدوهم، وحرم عليهم أن يزولوا من مصافهم، حتى يفنوا عن آخرهم؛ وكل ذلك فمحنة شديدة عظيمة؛ إذ لم يجعل لهم توبة دون فعل ما أمرهم به؛ وذلك قوله ø في كتابه، يخبر عن موسى # في قوله لهم: